يحصل بالاثبات. وروي أن النبي عليه السلام رد ابنته زينب على أبي العاص رضي الله عنهما بنكاح جديد، وروي أنه ردها عليه بالنكاح الأول، والاثبات في رواية من روى أنه ردها عليه بعقد جديد، وبذلك أخذنا، فهو دليل على أن الترجيح يحصل بالاثبات. وذكر في كتاب الاستحسان: إذا أخبر عدل بطهارة الماء وعدل آخر بنجاسته فإنه يتعارض الخبران والاثبات في خبر من أخبر بنجاسته ثم لم يرجح الخبر به. وقال في التزكية: الشاهد إذا عدله واحد وجرحه آخر فإن الجرح يكون أولى لان في خبره إثباتا. فإذا تبين من أصول علمائنا هذا كله فلا بد من طلب وجه يحصل به التوفيق بين هذه الفصول ويستمر المذهب عليه مستقيما. وذلك الوجه أن خبر النفي إما أن يكون لدليل يوجب العلم به أو لعدم الدليل المثبت أو يكون مشتبها، فإن كان لدليل يوجب العلم به فهو مساو للمثبت وتتحقق المعارضة بينهما، وعلى هذا قال في السير الكبير:
إذا قالت المرأة سمعت زوجي يقول المسيح ابن الله فبنت منه، وقال الزوج إنما قلت المسيح ابن الله قول النصارى، أو وقالت النصارى المسيح ابن الله، فالقول قوله، فإن شهد للمرأة شاهدان. وقالا لم نسمع من الزوج هذه الزيادة. فالقول قوله أيضا، وإن قالا لم يقل هذه الزيادة قبلت الشهادة وفرق بينهما. وكذا لو ادعى الاستثناء في الطلاق وشهد الشهود أنه لم يستثن قبلت الشهادة، وهذه شهادة على النفي ولكنها عن دليل موجب للعلم به وهو أن ما يكون من باب الكلام فهو مسموع من المتكلم لمن كان بالقرب منه، وما لم يسمع منه يكون دندنة لا كلاما، فإذا قبلت الشهادة على النفي إذا كان عن دليل كما تقبل على الاثبات قلنا في الخبر أيضا يقع التعارض بين النفي والاثبات. فأما إذا كان خبر النفي لعدم العلم بالاثبات فإنه لا يكون معارضا للمثبت، لأنه خبر لا عن دليل موجب بل عن استصحاب حال، وخبر المثبت عن دليل موجب له، ولان السامع والمخبر في هذا النوع سواء، فإن السامع غير عالم بالدليل المثبت كالمخبر بالنفي، فلو جاز أن يكون هذا