من الشرائع فكيف يتحقق هذا القول منه مع اعتقاده لهذه الشريعة. والثاني باطل نصا، فإن قوله تعالى: * (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها) * وقوله:
* (وإذا بدلنا آية مكان آية) * نص قاطع على جواز النسخ، وانتساخ التوجه إلى بيت المقدس بفرضية التوجه إلى الكعبة أمر ظاهر لا ينكره عاقل، فقول من يقول لم يوجد باطل من هذا الوجه. فأما من قال من اليهود إنه لا يجوز بطريق التوقيف استدل بما يروى عن موسى (ص) أنه قال: تمسكوا بالسبت ما دامت السماوات والأرض. وزعموا أن هذا مكتوب في التوراة عندهم، وقالوا قد ثبت عندنا بالطريق الموجب للعلم وهو خبر التواتر عن موسى (ص) أنه قال:
إن شريعتي لا تنسخ كما تزعمون أنتم أن ذلك ثبت عندكم بالنقل المتواتر عمن تزعمون أنه رسول الله (ص). وبهذا الطريق طعنوا في رسالة محمد (ص)، وقالوا من أجل العمل في السبت لا يجوز تصديقه ولا يجوز أن يأتي بمعجزة تدل على صدقه. ومن أنكر منهم ذلك عقلا قال الامر بالشئ دليل على حسن المأمور به، والنهي عن الشئ دليل على قبح المنهي عنه، والشئ الواحد لا يجوز أن يكون حسنا وقبيحا، فالقول بجواز النسخ قول بجواز البداء، وذلك إنما يتصور ممن يجهل عواقب الأمور والله تعالى يتعالى عن ذلك، يوضحه أن مطلق الامر يقتضي التأبيد في الحكم وكذلك مطلق النهي، ولهذا حسن منا اعتقاد التأبيد فيه فيكون ذلك بمنزلة التصريح بالتأبيد، ولو ورد نص بأن العمل في السبت حرام عليكم أبدا لم يجز نسخه بعد ذلك بحال، فكذلك إذا ثبت التأبيد بمقتضى مطلق الامر إذ لو كان ذلك موقتا كما قلتم لكان تمام البيان فيه بالتنصيص على التوقيت، فما كان يحسن إطلاقه عن ذكر التوقيت وفي ذلك إيهام الخلل فيما بينه الله تعالى فلا يجوز القول به أصلا.
وحجتنا فيه من طريق التوقيف اتفاق الكل على أن جواز النكاح بين الاخوة والأخوات قد كان في شريعة آدم عليه الصلاة والسلام، وبه حصل التناسل،