لما فيه من تعليل الأصل لتعدية الحكم إلى ما فيه نص آخر. ولا نشترط الايمان في الرقبة في كفارة الظهار واليمين بالقياس على كفارة القتل، لان فيه تعليل الأصل لتعدية الحكم به إلى محل فيه نص آخر، وفيه تعرض لحكم النص الآخر بالتغيير فإن الاطلاق غير التقييد، وبعد ما ثبتت الرقبة مطلقا في كفارة اليمين والظهار فإثبات التقييد فيه بالايمان يكون تغييرا، كما أن إثبات صفة الاطلاق في المقيد يكون تغييرا، فإن الحرمة في الربائب لما تقيدت بالدخول، كان تعليل أمهات النساء لاثبات صفة الاطلاق في حرمة الربائب يكون تغييرا لا يجوز المصير إليه بالرأي، فكذلك إثبات التقييد فيما كان مطلقا بالنص.
وبيان الفصل الرابع، وهو ما قلنا: إن الشرط أن يبقى حكم النص بعد التعليل في الأصل على ما كان قبله، فلأنه لما ثبت أن التعليل لا يجوز أن يكون مغيرا حكم النص في الفروع ثبت بالطريق الأولى أنه لا يجوز أن يكون مغيرا حكم الأصل في نفسه، ففي كل موضع لا يبقى الحكم في المنصوص بعد التعليل على ما كان قبله، فذلك التعليل يكون باطلا، لكونه مغيرا لحكم الأصل، ولهذا لم نجوز التعليل في قبول شهادة المحدود في القذف بعد التوبة بالقياس على المحدود في سائر الجرائم بعلة أنه محدود في كبيرة، لان بعد هذا التعليل لا يبقى حكم النص الوارد فيه على ما كان قبله.
فإن قيل: هذا التعليل يكون هو ساقط الشهادة بالنص أبدا ويكون ذلك متمما لحده، وبعد التعليل يتغير هذا الحكم، فإن الجلد قبل هذا التعليل يكون بعض الحد في حقه وبعده يكون تمام الحد، فيكون تغييرا على نحو ما قلنا في التغريب: إن الجلد إذا لم يضم إليه التغريب في زنا البكر يكون حدا كاملا، وإذا ضم إليه التغريب يكون بعض الحد. وكذلك تعليل الشافعي في إبطال شهادته بنفس القذف بالقياس على سائر الجرائم باطل، لأنه تغيير للحكم بالنص، فإن مدة العجز عن إقامة أربعة من الشهداء بعد القذف ثابت بالنص لإقامة