ومن ذلك تعليلهم في اشتراط التقابض في المجلس في بيع الطعام بالطعام أن العقد جمع بدلين يجري فيهما ربا الفضل فيشترط التقابض كالأثمان، فإنا نقول: إيش المراد بقولكم فيشترط فيهما تقابض؟ أهو التقابض لإزالة صفة الدينية أو لاثبات زيادة معنى الصيانة، وأحدهما يخالف الآخر فلا بد من بيان هذا. فإن قالوا: لمعنى الصيانة، منعنا هذا الحكم في الأثمان، فاشتراط التقابض هناك عندنا لإزالة صفة الدينية، فإن النقود لا تتعين في العقود ما لم تقبض، والدين بالدين حرام شرعا. وإن قالوا: لإزالة صفة الدينية، لا يتمكنون من إثبات هذا الحكم في الفرع، فالطعام يتعين في العقد بالتعيين من غير قبض فلا يجدون بدا من الرجوع إلى حرف المسألة، وهو بيان أن اشتراط القبض في الصرف ليس لإزالة صفة الدينية بل للصيانة عن معنى الربا، بمنزلة المساواة في القدر.
ومن ذلك قولهم في من اشترى أباه ناويا عن كفارة يمينه إنه عتق الأب فلا تتأدى به الكفارة كما لو ورثه، لأنا نقول: إن عنيتم أنه لا تتأدى الكفارة بالعتق فنحن نقول في الفرع لا تتأدى الكفارة بالعتق، بل الكفارة تتأدى بفعل منسوب إلى المكفر والعتق وصف في المحل ثابت شرعا، وإن عنيتم الاعتاق فهذا غير موجود في الأصل، لأنه لا صنع للوارث في الإرث حتى يصير به معتقا، وعند هذا لا بد من الرجوع إلى حرف المسألة وهو أن شراء القريب هل هو إعتاق بطريق أنه متمم علة العتق؟ أم ليس بإعتاق وإنما يحصل العتق به حكما للملك؟
ومن ذلك قولهم في أن الكفارة لا تتأدى بطعام الإباحة إنه نوع تكفير يتأدى بالتمليك (فلا يتأدى بدون التمليك) كالكسوة، لأنا نقول: لا تتأدى بدون التمليك مع امتثال الامر (أم بدون امتثال الامر. فإن قال: بي غنية عن بيان هذا، قلنا: لا كذلك، لان التكفير مأمور به شرعا فلا يتأدى