تسعمائة عليه ابتداء، لان القدر الذي يجب حكم صدر الكلام وإذا لم يكن في صدر الكلام احتمال هذا المقدار لا يمكن إيجابه حقيقة، فعرفنا به أنه يصير صدر الكلام عبارة عما وراء المستثنى وهو تسعمائة، وكان لهذا العدد عبارتان الأقصر وهو تسعمائة والأطول هو الألف إلا مائة. وهذا معنى قول أهل اللغة: إن الاستثناء استخراج، يعني استخراج بعض الكلام على أن يجعل الكلام عبارة عما وراء المستثنى، ألا ترى أن بعد دليل الخصوص الحكم الثابت بالعام ما يتناوله لفظ العموم حقيقة، حتى إذا كان العام بعبارة الفرد يجوز فيه الخصوص إلى أن لا يبقى منه إلا واحد، وإذا كان بلفظ الجمع يجوز فيه الخصوص إلى أن لا يبقى منه إلا ثلاثة، فإن أدنى ما تناوله اسم الجمع ثلاثة، وإذا كان الباقي دون ذلك كان رفعا للحكم بطريق النسخ.
ثم كما يجوز أن يكون الكلام معتبرا في الحكم ويمتنع ثبوت الحكم به لمانع فكذلك يجوز أن تبقى صورة الكلام، ولا يكون معتبرا في حق الحكم أصلا كطلاق الصبي والمجنون، فإذا جعلنا طريق الاستثناء ما ذهبنا إليه بقي صورة التكلم في المستثنى غير موجب بحكمه وذلك جائز، وإذا جعلنا الطريق ما قاله الخصم احتجنا إلى أن نثبت بالكلام ما ليس من محتملاته وذلك لا يجوز، فعرفنا أن انعدام وجوب المائة عليه لانعدام العلة الموجبة لا لمعارض يمنع الوجوب بعد وجود العلة الموجبة، وكذلك في التعليق بالشرط فإن امتناع ثبوت الحكم في المحل لانعدام علته بطريق أن التعليق بالشرط لما منع الوصول إلى المحل، وصورة التكلم بدون المحل لا يكون علة للايجاب، فانعدام الحكم لانعدام العلة في الفصلين لا لمانع كما توهمه الخصم إلا أن الوصول إلى المحل في التعليق متوهم لوجود الشرط فلم يبطل الكلام في حق الحكم أصلا، ولكن نجعله تصرفا آخر وهو اليمين على أنه متى وصل إلى المحل ولم يبق يمينا كان إيجابا، فسميناه بيان التبديل لهذا، وانتفاء المستثنى من أصل الكلام ليس فيه توهم الارتفاع حتى تكون صورة الكلام عاملا فيه، فجعلناه بيان التغيير بطريق أنه عبارة عما وراء المستثنى، لأنه لم يصر تصرفا آخر