فالكامل: ما يلحق به العهدة والتبعية. والقاصر: ما لا يلحق به ذلك.
فنبدأ ببيان أهلية الوجوب. فنقول:
أصل هذه الأهلية لا يكون إلا بعد ذمة صالحة لكونها محلا للوجوب، فإن المحل هو الذمة، ولهذا يضاف إليها ولا يضاف إلى غيرها بحال، ولهذا اختص به الآدمي دون سائر الحيوانات التي ليست لها ذمة صالحة. ثم الذمة في اللغة هو:
العهد، قال تعالى: * (لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة) * وقال عليه السلام:
وإن أرادوكم أن تعطوهم ذمة الله فلا تعطوهم ومنه يقال أهل الذمة للمعاهدين، والمراد بهذا العهد ما أشار الله تعالى في قوله: * (وإذ أخذ ربك من بني آدم) * والجنين ما دام مجننا في البطن ليست له ذمة صالحة، لكونه في حكم جزء من الام ولكنه منفرد بالحياة معد ليكون نفسا له ذمة، فباعتبار هذا الوجه يكون أهلا لوجوب الحق له من عتق أو إرث أو نسب أو وصية، ولاعتبار الوجه الأول لا يكون أهلا لوجوب الحق عليه، فأما بعدما يولد فله ذمة صالحة، ولهذا لو انقلب على مال إنسان فأتلفه كان ضامنا له، ويلزمه مهر امرأته بعقد الولي عليه، وهذه حقوق تثبت شرعا. ثم بعد هذا زعم بعض مشايخنا أن باعتبار صلاحية الذمة يثبت وجوب حقوق الله تعالى في حقه من حين يولد. وإنما يسقط ما يسقط بعد ذلك بعذر الضمان لدفع الحرج. قال: لان الوجوب بأسباب هي الوجوب شرعا وقد تقدم بيانها، وتلك الأسباب متقررة في حقه والمحل صالح للوجوب فيه فيثبت الوجوب باعتبار السبب والمحل، وهذا لان الوجوب خبر ليس للعبد فيه اختيار حتى يعتبر فيه عقله وتمييزه، بل هو ثابت عند وجود السبب علينا شرعا شئنا أو أبينا، قال تعالى: * (وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه) * والمراد بالعنق الذمة، وإنما يعتبر تمييزه أو تمكنه من الأداء في وجوب الأداء، وذلك حكم وراء أصل الوجوب، ألا ترى أن النائم والمغمى عليه يثبت حكم وجوب الصلاة في حقهما بوجود النسب مع عدم التمييز والتمكن من الأداء للحال ثم يتأخر وجوب الأداء إلى الانتباه والإفاقة، وهذا