القياس لقول ابن عباس وقالوا في الدم إذا ظهر على رأس الجرح ولم يسل فهو ناقض للطهارة في القياس تركناه لقول ابن عباس، وقالوا في الاغماء: إذا كان يوما وليلة أو أقل فإنه يمنع قضاء الصلوات في القياس تركناه لفعل عمار بن ياسر رضي الله عنهما، وقالوا في إقرار المريض لوارثه إنه جائز في القياس تركناه لقول ابن عمر رضي الله عنهما. وقال: أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله فيمن اشترى شيئا على أنه (إن) لم ينقد الثمن إلى ثلاثة أيام فلا بيع بينهما فالعقد فاسد في القياس تركناه لأثر يروى عن ابن عمر. وقال أبو حنيفة: إعلام قدر رأس المال فيما يتعلق العقد على قدره شرط لجواز السلم بلغنا نحو ذلك عن ابن عمر رضي الله عنهما، وخالفه أبو يوسف ومحمد بالرأي. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا ضاع العين في يد الأجير المشترك بما يمكن التحرز عنه فهو ضامن لأثر روي فيه عن علي رضي الله عنه.
وقال أبو حنيفة: لا ضمان عليه، فأخذ بالرأي مع الرواية بخلافه عن علي. وقال محمد: لا تطلق الحامل أكثر من واحدة للسنة بلغنا ذلك عن ابن مسعود وجابر رضي الله عنهما. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف بالرأي: إنها تطلق ثلاثا للسنة.
فعرفنا أن عمل علمائنا بهذا في مسائلهم مختلف. وللشافعي في المسألة قولان كان يقول في القديم: يقدم قول الصحابي على القياس، وهو قول مالك، وفي الجديد كان يقول: يقدم القياس في العمل به على قول الواحد والاثنين من الصحابة، كما ذهب إليه الكرخي. وبعض أهل الحديث يخصون بترك القياس في مقابلة قولهم الخلفاء الراشدين، ويستدلون بقوله عليه السلام عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي وبقوله عليه السلام: اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر فظاهر الحديثين يقتضي وجوب اتباعهما وإن خالفهما غيرهما من الصحابة، ولكن يترك هذا الظاهر عند ظهور الخلاف بقيام الدليل، فبقي حال ظهور قولهما من غير مخالف لها على ما يقتضيه الظاهر. وأما الكرخي فقد احتج بقوله تعالى: * (فاعتبروا يا أولي الابصار) * والاعتبار هو العمل بالقياس والرأي فيما لا نص فيه، وقال تعالى: * (فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول) * يعني إلى الكتاب والسنة، وقد دل عليه