بنظير للأصل فكان باطلا. فأما مسألة الزنا فالأصل في ثبوت الحرمة ليس هو الوطئ بالولد الذي يتخلق من الماءين إذا اجتمعا في الرحم، لأنه من جملة البشر له من الحرمات ما لغيره من بني آدم، ثم تتعدى تلك الحرمة إلى الزوجين باعتبار أن انخلاق الولد كان من مائهما، فيثبت معنى الاتحاد بينهما بواسطة الولد، فيصير أمهاتها وبناتها في الحرمة عليه كأمهاته وبناته، ويصير آباؤه وأبناؤه في كونها محرمة عليهم كآبائها وأبنائها، ثم يقام ما هو السبب لاجتماع الماءين في الرحم وهو الوطئ مقام حقيقة الاجتماع لاثبات هذه الحرمة، وذلك بوطئ يختص بمحل الحرث، ولا معتبر بصفة الحل في هذا المعنى، ولا أثر لحرمة الوطئ في منع هذا المعنى الذي لأجله أقيم هذا السبب مقام ما هو الأصل في إثبات الحرمة، إلا أن إقامة السبب مقام ما هو الأصل فيما يكون مبنيا على الاحتياط وهو الحرمة والنسب ليس بنظيره في معنى الاحتياط، فلهذا لا يقام الوطئ مطلقا مقام ما هو الأصل حقيقة في إثبات النسب، ولا يدخل على هذا أن هذه الحرمة لا تتعدى إلى الأخوات والعمات على أن يجعل أخواتها كأخواته في حقه، لان أصل الحرمة لا يمكن إثباته بالتعليل بالرأي، وإنما يثبت بالنص، والنص ما ورد بامتداد هذه الحرمة إلى الأخوات والعمات، فتعدية الحرمة إليهما تكون تغييرا لحكم النص، وقد بينا أن ذلك لا يجوز بالتعليل. وعلى هذا فصل الغصب، فإنا لا نوجب الملك به حكما للغصب، كما نوجبه بالبيع، وإنما نثبت الملك به شرطا للضمان الذي هو حكم الغصب، وذلك الضمان حكم مشروع كالبيع، وكون الأصل مشروعا يقتضي أن يكون شرطه مشروعا.
وبيان قولنا: ولا نص فيه: في فصول، منها أنا لا نجوز القول بوجوب الكفارة في القتل العمد بالقياس على القتل الخطأ، لأنه تعليل الأصل لتعدية الحكم إلى فرع فيه نص على حدة. ولا نجوز القول بوجوب الدية في العمد المحض بالقياس على الخطأ لهذا المعنى. ولا نوجب الكفارة في اليمين الغموس بالقياس على اليمين المعقودة على أمر في المستقبل لهذا المعنى أيضا. ولا نشترط صفة الايمان فيمن تصرف إليه الصدقات سوى الزكاة بالقياس على الزكاة،