الجانبين رجحانا، لان المماثلة تقوم به أصلا، وتسمى زيادة الحبة ونحوها رجحانا لان المماثلة لا تقوم بها عادة. وكذل في لا شريعة هو عبارة عن زيادة تكون وصفا لا أصلا، فإن النبي عليه الصلاة والسلام قال للوازن: " زن وأرجح فإنا معشر الأنبياء هكذا زن " ولهذا لا يثبت حكم الهبة في مقدار الرجحان، لأنه زيادة تقوم وصفا لا مقصودا بسببه، بخلاف زيادة الدرهم على العشرة، فإنه يثبت فيه حكم الهبة حتى لو لم يكن متميزا كان الحكم فيه كالحكم في هبة المشاع لأنه مما تقوم به المماثلة فإنه يكون مقصودا بالوزن فلا بد من أن يجعل مقصودا في التمليك بسببه وليس ذلك إلا الهبة، فإن قضاء العشرة يكون بمثلها عشرة، فيتبين أن بالرجحان لا ينعدم أصل المماثلة لأنه زيادة وصف بمنزلة زيادة وصف الجودة - وما يكون مقصودا بالوزن تنعدم به المماثلة ولا يكون ذلك من الجرحان في شئ وعلى هذا قلنا في العلل في الاحكام: إن ما يصلح علة للحكم ابتداء لا يصلح للترجيح به وإنما يكون الترجيح بما لا يصلح علة موجبة للحكم. وبيان ذلك في الشهادات، فإن أحد المدعيين لو أقام شاهدين وأقام الاخر أربعة من الشهود لم يترجح الذي شهد له أربعة لان زيادة الشاهدين في حقه علة تامة للحكم فلا يصلح مرجحا للحجة في جانبه، وكذلك زيادة شاهد واحد لأحد المدعيين، لأنه من جنس ما تقوم به الحجة أصلا فلا يقع الترجيح به أصلا وإنما يقع الترجيح بما يقوى ركن الحجة أو يقوى معنى الصدق في الشهادة وذلك في أن تتعارض شهادة المستور مع شهادة العدل بأن أقام أحد المدعيين مستورين والاخر عدلين، فإنه يترجح الذي شهد به العدلان بظهور ما يؤكد معنى الصدق في شهادة شهوده. وكذلك في النسب أو النكاح لو ترجح حجة أحد الخصمين باتصال القضاء بها، لان ذلك مما يؤكد ركن الحجة، فإن بقضاء القاضي يتم معنى الحجة في الشهادة ويتعين جانب الصدق - وعلى هذا قلنا في العلتين إذا تعارضتا لا تترجح إحداهما بانضمام علة أخرى إليها، وإنما تترجح بقوة الأثر فيها، فبه يتأكد ما هو الركن في صحة العلة. وكذلك الخبران إذا تعارضا لا يترجح أحدهما على الاخر بل بما به يتأكد معنى الحجة
(٢٥٠)