له إلا أنه غير مندوب إليه وإنما يندب إليه بشرط عدم طول الحرة. وكذلك قوله تعالى: * (فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم) * غير مذكور على وفاق العادة بل هو بمعنى الشرط حقيقة، لان المراد هو القصر في أحوال الصلاة كالأداء راكبا بالايماء والايجاز في القراءة وتخفيف الركوع والسجود، وذلك إنما يوجد عند وجود هذا الشرط وهو الخوف، ألا ترى إلى قوله تعالى: * (فإن خفتم فرجالا أو ركبانا فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون) * وقال تعالى: * (فإن اطمأننتم فأقيموا الصلاة) * فأما قوله تعالى: * (وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن) * فهو غير مذكور بصيغة الشرط فيه، وقوله تعالى: * (فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم) * وحكم الجواز لا يثبت إلا عند وجود هذا الشرط.
وبيان دلالة الشرط فيما قال علماؤنا: إذا قال لنسوة: المرأة التي أتزوجها منكن طالق، أو قال لأربع نسوة له: المرأة التي تدخل الدار منكن طالق، فإنه يتوقف وجود العلة حقيقة على وجود التزوج والدخول لوجود دلالة الشرط فيه، وهو أنه مذكور على سبيل الوصف للنكرة، بخلاف ما لو قال: هذه المرأة التي أتزوجها أو هذه المرأة التي تدخل الدار، فإنه مذكور على سبيل الوصف للعين فلا يكون شرطا ولا يتوقف وجود العلة على وجوده، ولو أتى بصيغة الشرط في الوجهين يوقف وجود العلة على وجوده بأن قال: إن تزوجت امرأة منكن أو هذه المرأة إن تزوجتها.
وأما الشرط الذي هو حكم العلة فنحو شق الزق حتى يسيل ما فيه من الدهن، وقطع حبل القنديل حتى يسقط فينكسر، فإن الشق في الصورة مباشرة إتلاف جزء من الزق، وفي حق الدهن هو إيجاد شرط السيلان، ولكن جعل هذا الشرط في حكم العلة حتى يجعل كأنه باشر إراقة الدهن، لان المائع لا يكون محفوظا إلا بوعاء، فإزالة ما به تماسكه يكون مباشرة تفويت ما كان محفوظا به، وكذلك القنديل على ما هو مصنوع له