وما يكون صلة له شبه الجزاء لا يثبت وجوبه في حقه أصلا، وذلك كتحمل العقل فإنه صلة ولكنها شبه الجزاء على ترك حفظ السفيه والاخذ على يد الظالم، ولهذا يختص برجال العشيرة الذين هم من أهل هذا الحفظ دون النساء فلا يثبت ذلك في حق الصبي أصلا. وكذلك ما يكون جزاء بطريق العقوبة كالقتل لأجل الردة بطريق الغرامة كالعقل لا يثبت وجوبه في حقه أصلا لانعدام ما هو حكم الوجوب في حقه. فأما في حقوق الله تعالى فنقول: وجوب الايمان بالله تعالى في حق الصبي الذي لا يعقل لا يمكن القول به لانعدام الأهلية لحكم الوجوب وذلك الأداء وجوبا أو وجودا في حقه، فما كان القول بالوجوب هنا إلا نظير القول بالوجوب باعتبار السبب بدون المحل كما في حق البهائم وذلك لا يجوز القول به. وكذلك العبادات المحضة، البدني والمالي في ذلك سواء، لان حكم الوجوب لا يثبت في حقه بحال فلا يثبت الوجوب، وبيانه أن الوجوب أفعال يتحقق في مباشرتها معنى الابتلاء وتعظيم حق الله تعالى، ولا تصور لذلك من الصبي الذي لا يعقل بنفسه، ولا يحصل ذلك بأداء وليه، لان ثبوت الولاية عليه يكون جبرا بغير اختياره وبمثله لا يصير هو متقربا حقيقة ولا حكما، فلو جعلنا أداء الوالي كأدائه فيما هو مالي كان يتبين به أن المقصود هو المال لا الفعل، وذلك مما لا يجوز القول به، فلهذا لا يثبت في حقه وجوب الصلاة والزكاة والصوم والحج، يقرره أنه لو كان الوجوب ثابتا ثم سقوط الحكم لدفع الحرج بعذر الصبي لكان ينبغي أن يقال: إذا أنفق الأداء منه كان مؤديا للواجب كصوم الشهر في حق المريض والمسافر والجمعة في حق المسافر، إنه إذا أدى كان مؤديا للواجب وبالاتفاق لا يكون هو مؤديا للواجب، وإن تصور منه ما هو ركن هذه العبارات، فعرفنا أن الوجوب غير ثابت أصلا. وكذلك قال محمد رضي الله عنه في صدقة الفطر لرجحان معنى العبادة والقربة فيها.
وقال أبو حنيفة وأبو يوسف رضي الله عنهما: فيها معنى المؤونة فيثبت الوجوب