لنزول الجزاء أو لصحة الايجاب، والحكم غير مضاف إلى الشرط وجوبا به فإنه لا تأثير للشرط في ذلك، ولا وجودا عنده فإنه لا يترك الطلاق في المحل ما لم يتم الشرط، فلو اعتبرنا الملك عند وجوده إنما يعتبر لبقاء اليمين ومحل اليمين الذمة، فكانت باقية ببقاء محلها من غير أن يشترط فيه الملك في المحل.
وأما الشرط الذي هو علامة فنحو الاحصان لايجاب الرجم، فإنه علامة يعرف بظهوره كون الزنا موجبا للرجم، وهو في نفسه ليس بعلة ولا سبب ولا شرط محض في إيجاب الرجم. وحد الشرط: ما يمتنع ثبوت العلة حقيقة بعد وجودها صورة إلى وجوده، كما في تعليق الطلاق بدخول الدار، والزنا موجب للعقوبة بنفسه ولا يمتنع ثبوت الحكم به إلى وجود الاحصان، كيف ولو وجد الاحصان بعد الزنا لا يثبت بوجوده حكم الرجم؟ فعرفنا أنه غير مضاف إليه وجوبا به ولا وجودا عند وجوده، ولكنه يعرف بظهوره أن الزنا حين وجد كان موجبا للرجم فكان علامة، ولهذا لا يوجب الضمان على شهود الاحصان إذا رجعوا، بخلاف ما قال أبو حنيفة رضي الله عنه في المزكين لشهود الزنا إذا رجعوا بعد الرجم، فإن التزكية بمنزلة علة العلة (كما بينا) ولهذا يثبت الاحصان بعد الزنا بشهادة رجل وامرأتين عندنا خلافا لزفر، لأنه لما كان معرفا ولم يكن الرجم مضافا إليه وجوبا ولا وجودا كانت هذه الحالة كغيرها من الأحوال في حكم الشهادة، فكما ثبت النكاح بشهادة رجل وامرأتين في غير هذه الحالة فكذلك في هذه الحالة.
فإن قيل: أنا أثبت النكاح بهذه الشهادة ولكن لا يثبت التمكن للامام من إقامة الرجم، لأنه كما لا مدخل لشهادة النساء في إيجاب الرجم فلا مدخل لشهادتهن في إثبات التمكن من إقامة الرجم، بمنزلة ما لو كان الزاني عبدا مسلما لنصراني فشهد عليه نصرانيان أن مولاه كان أعتقه قبل الزنا، فإنه تثبت الحرية بهذه الشهادة ولا يثبت تمكن الامام من إقامة الرجم عليه، لأنه كما لا مدخل لشهادة الكفار في إيجاب الرجم على المسلم فلا مدخل لشهادتهم