قطع الحكم وهو الحرمة الثابتة له بسبب الحرم. وإذا صال على إنسان فكذلك الجواب. وبظاهر هذا الكلام يقول الشافعي في الجمل إذا صال على إنسان فقتله إنه لا يضمن شيئا، لان فعل الجمل صالح لقطع الحكم الثابت به وهو العصمة والتقوم الثابت فيه لحق المالك. ولكنا نقول: فعل الدابة غير صالح لايجاب الشئ على مالكها، وفي إسقاط حقه في تضمين المتلف إيجاب حكم عليه وهو الكف عن الاعتداء على من اعتدى عليه بإتلاف ماله ومثله لا يوجد في صيد الحرم. وعلى هذا قلنا: لو أرسل كلبا على صيد مملوك لانسان فقتله الكلب أو أشلاه على بعير إنسان فقتله أو على ثوب إنسان فخرقه، لم يضمن شيئا، لان ما وجد منه من الأشلاء سبب قد اعترض عليه فعل من مختار غير منسوب إلى ذلك السبب، فإن بمجرد الأشلاء لا يكون سابقا له، بخلاف ما إذا أرسل كلبه المعلم على صيد فذبحه فإنه يجعل كأنه ذبحه بنفسه في حكم الحل، لان الاصطياد نوع كسب ينفي عنه معنى الحرج ويبني الحكم فيه على قدر الامكان، فأما في ضمان العدوان يجب الاخذ بمحض القياس، لان مع الشك في السبب الموجب للضمان لا يجب الضمان بحال. وعلى هذا قلنا: لو أوقد نارا في ملكه فهبت الريح بها إلى أرض جاره حتى أحرقت كدسه لم يضمن، ولو ألقى شيئا من الهوام على الطريق فانقلبت من مكان إلى مكان آخر ثم لدغت إنسانا لم يضمن الملقي شيئا. فما كان من هذا الجنس فتخريجه على الأصل الذي قلنا.
وأما الشرط اسما لا حكما وهو المجاز في هذا الباب فنحو الشرط السابق وجودا فيما علق بالشرطين، نحو أن يقول لعبده إن دخلت هاتين الدارين فأنت حر، فإن دخوله في الدار الأولى شرط اسما لا حكما، لان الحكم غير مضاف إليه وجوبا به ولا وجودا عنده، ولهذا لم يعتبر علماؤنا قيام الملك عند وجود الشرط الأول خلافا لزفر رضي الله عنه، وهذا لان الملك في المحل شرط