استحق الرضخ، لان ذلك محض منفعة يثبت بالأهلية القاصرة كالاحتطاب والاحتشاش، وينبغي أن يكون هذا على أصل الخصم أيضا، فإنه يقول:
كل منفعة من هذا الجنس يصلح له بوليه فإنه لا يكون أهلا لتحصيل ذلك لنفسه بنفسه، وما لا يحصل له بوليه يكون هو أهلا لتحصيله ذلك لنفسه. وفي قبول الهبة والصدقة له قولان: في أحدهما لا يصح ذلك منه بنفسه ويصح من الولي ذلك في حقه، وفي القول الآخر على عكس هذا. ثم استحقاق الرضخ بسبب القتال محض منفعة لا يمكن تحصيله له من قبل الولي بمباشرته سببه فينبغي أن يجعل هو أهلا لتحصيله لنفسه بمباشرته سببه.
فأما ما هو ضرر محض فنحو إبطال الملك في الطلاق والعتاق، ونقل الملك بالهبة والصدقة، فإنه محض ضرر في العاجل لا يشوبه منفعة، ولهذا ينبني صحته شرعا على الأهلية الكاملة فلا يثبت بالأهلية القاصرة حتى لا يملكه الصبي بنفسه ولا بواسطة الولي إذا باشر ذلك في حقه. وزعم بعض مشايخنا أن هذا الحكم غير مشروع في حق الصبي أصلا حتى إن امرأته لا تكون محلا للطلاق. قال رضي الله عنه: وهذا عندي وهم، فإن الطلاق يملك بملك النكاح إذ لا ضرر في إثبات أصل الملك وإنما الضرر في الايقاع، حتى إذا تحققت الحاجة إلى صحة إيقاع الطلاق من جهته لدفع الضرر كان صحيحا، وبهذا يتبين فساد قول من يقول: إنا لو أثبتنا ملك الطلاق في حقه كان خاليا عن حكمه وهو ولاية الايقاع، والسبب الخالي عن حكمه غير معتبر شرعا كبيع الحر وطلاق البهيمة، فإن الحكم ثابت في حقه عند الحاجة حتى إذا أسلمت امرأته وعرض عليه الاسلام فأبى فرق بينهما وكان ذلك طلاقا في قول أبي حنيفة ومحمد رضي الله عنهما، وإذا ارتد وقعت الفرقة بينه وبين امرأته وكان طلاقا في قول محمد، وإذا وجدته امرأته مجبوبا فخاصمت في ذلك فرق بينهما. ولم يبين في الجامع أن هذه الفرقة تكون بطلاق أم لا. وقال بعض مشايخنا إنها تكون بطلاق اكتفاء