بمعنى لكن أي لكن إن قتله خطأ. وزعم بعض مشايخنا أنه بمعنى ولا. قال رضي عنه: وهذا غلط عندي، لأنه حينئذ يكون عطفا على النهي فيكون نهيا والخطأ لا يكون منهيا عنه ولا مأمورا به بل هو موضوع، قال تعالى: * (وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم) *.
ثم الكلام لحقيقته لا يحمل على المجاز إلا إذا تعذر حمله على الحقيقة، كما في قوله تعالى: * (إلا أن يعفون) * فإنه يتعذر حمله على حقيقة الاستثناء لأنه إذا حمل عليه كان في معنى التوقيت فيتقرر به حكم التنصيف الثابت بصدر الكلام، فعرفنا أنه بمعنى لكن وأنه ابتداء حكم: أي لكن إن عفا الزوج بإيفاء الكل أو المرأة بالاسقاط فهو أقرب للتقوى. وكذلك قوله تعالى: * (إلا الذين تابوا) * في آية القذف فإنه استثناء منقطع: أي لكن إن تابوا من قبل أن التائبين هم القاذفون. فتعذر حمل اللفظ على حقيقة الاستثناء فإن الثابت لا يخرج من أن يكون قاذفا، وإن كان محمولا على حقيقة الاستثناء هو استثناء بعض الأحوال: أي وأولئك هم الفاسقون في جميع الأحوال إلا أن يتوبوا، فيكون هذا الاستثناء توقيتا بحال ما قبل التوبة فلا تبقى صفة الفسق بعد التوبة لانعدام الدليل الموجب لا لمعارض مانع كما توهمه الخصم.
وقوله: لا تبيعوا الطعام بالطعام إلا سواء بسواء استثناء لبعض الأحوال أيضا:
أي لا تبيعوا الطعام بالطعام إلا حالة التساوي في الكيل. فيكون توقيتا للنهي بمنزلة الغاية ويثبت بهذا النص أن حكم الربا الحرمة الموقتة في المحل دون المطلقة.
وإنما تتحقق الحرمة الموقتة في المحل الذي يقبل المساواة في الكيل، فأما في المحل الذي لا يقبل المساواة لو ثبت إنما يثبت حرمة مطلقة وذلك ليس من حكم هذا النص، فلهذا لا يثبت حكم الربا في القليل وفي المطعوم الذي لا يكون مكيلا أصلا.
وعلى هذا قلنا إذا قال لفلان علي ألف درهم إلا ثوبا فإنه تلزمه الألف لان هذا ليس