يفرق بين المالي والبدني في هذا النوع باعتبار أن المالي يقبل النيابة في الأداء فيتوجه الخطاب بالأداء في حقه على أن ينوب الولي عنه في الأداء، والبدني لا يحتمل هذه النيابة، فلو توجه عليه الخطاب به لحقه العهدة بسببه فربما يعجز عن الأداء لصغره، ثم يتضاعف عليه وجوب الأداء بعد البلوغ فيلحقه الحرج، فلدفع الحرج قلنا لا يثبت في حقه خطاب الأداء فيما هو بدني، وهذا لا معنى له، لان الواجب في الموضعين الفعل، فالاقامة والايتاء كل واحد منهما فعل، وقد بينا أن هذا الفعل لازم بطريق القربة وذلك لا يتحقق بأداء الولي، إذ الولاية ثابتة عليه شرعا بغير اختياره، وبمثل هذه الولاية لا تتأدى العبادة. ثم هو لا يلزمه الخطاب بالايمان كما هو مذهبنا، ولو كان المعنى فيه الحرج الذي يلحقه بتضاعف الأداء بعد البلوغ لكان الخطاب بالايمان يثبت في حقه لأنه بدني، ولا يتضاعف وجوب الأداء عليه بعد البلوغ لتوجه الخطاب في حالة الصغر، بل ينبني عليه صحة الأداء فرضا على مذهبه، وقد جوز مثل هذا في العبادات البدنية لتوفير المنفعة عليه حتى قال: إذا صلى في أول الوقت ثم بلغ في آخره فإن المؤدى يجوز عن الفرض، لان سقوط الخطاب لمعنى النظر، ومعنى النظر هنا في توجه الخطاب عليه في أول الوقت حتى لا تلزمه الإعادة. وكذلك قال:
إذا أحرم بالحج ثم بلغ قبل الوقوف فإن حجه يكون عن الفرض، لان معنى النظر هنا في إلزام الخطاب إياه سابقا على الاحرام، فكان ينبغي أن يقول مثل هذا في الايمان. ونحن أثبتنا هذا في الصلاة والاحرام، لان توجه الخطاب لما كان لا يثبت إلا بعد البلوغ مقصورا عليه فالمؤدي قبله إذا كان بحيث يتردد بين الفرض والنفل لا يمكن أن يجعل فرضا بحال، أرأيت لو صلى رجل بعد زوال الشمس أربع ركعات قبل نزول فرضية الظهر ثم نزلت فرضية الظهر قبل مضي الوقت أكان ذلك جائزا عن فرضه؟ هذا شئ لا يقول به أحد. وعلى هذا قلنا: إحرامه صحيح باعتبار الأهلية القاصرة ولكن لا تلزمه الكفارات بارتكاب المحظورات،