والآخر نجس لان الضرورة لا تتحقق مع وجود الماء الطاهر عنده ومع رجاء الوصول إليه بالتحري فلا تكون فرضية التيمم وشرط طلب الماء لان الضرورة قبل الطلب لا تتحقق. وعندنا هو بدل مطلق في حال العجز عن الأصل فثبت الحكم به على الوجه الذي يثبت بالأصل ما بقي عجزه. ثم على قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمة الله عليهما التراب خلف عن الماء. وعند محمد رحمه الله التيمم خلف عن الوضوء. وتظهر المسألة في المتيمم: عند محمد لا يؤم المتوضئين لان التيمم خلف فكان المتيمم صاحب الخلف، وليس لصاحب الأصل القوي أن يبني صلاته على صلاة صاحب الخلف، كما لا يبني المصلي بركوع وسجود صلاته على صلاة المومي. وعندهما التراب كان خلفا عن الماء في حصول الطهارة به ثم بعد حصول الطهارة كان شرط الصلاة موجودا في حق كل واحد منهما بكماله بمنزلة الماسح يؤم الغاسلين لهذا المعنى، وقد يكون التيمم خلفا ضرورة في حال وجود الماء وهو أن يخاف فوات صلاة الجنازة أن لو اشتغل بالوضوء أو يخاف فوات صلاة العيد أن لو اشتغل بالوضوء. ثم الخلافة هنا عند محمد بين التيمم والوضوء بطريق الضرورة حتى لو صلى عليها بالتيمم ثم جئ بجنازة أخرى يلزمه تيمم آخر وإن لم يجد بين الجنازتين من الوقت ما يمكنه أن يتوضأ فيه.
وعند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله التراب خلف عن الماء فيجوز له أن يصلي على الجنائز ما لم يدرك من الوقت مقدار ما يمكنه أن يتوضأ فيه على وجه لا تفوته الصلاة على جنازة. وهذا الذي بينا يتأتى في كل حق مما سبق ذكره إلا أن ببيان ذلك يطول الكتاب، والحاجة إلى معرفة الأصل هنا وهو أن الخلف يجب بما به يجب الأصل، وشرط كونه خلفا أن ينعقد السبب موجبا للأصل بمصادفته محله، ثم بالعجز عنه يتحول الحكم إلى الخلف، وإذا لم ينعقد السبب موجبا للأصل باعتبار أنه لم يصادف محله لا يكون موجبا للخلف حتى إن الخارج من البدن إذا لم يكن موجبا للوضوء كالدمع والبزاق والعرق لا يكون موجبا للتيمم، والطلاق قبل الدخول لما لم يكن موجبا لما هو الأصل وهو الاعتداد بالأقراء لا يكون موجبا لما هو خلف عنه وهو الاعتداد بالأشهر، واليمين الصادقة لما لم تكن موجبة للتكفير بالمال لا تكون موجبة لما هو