لأبيه) إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه) * ثم قوله تعالى: * (وأهلك) * ما تناول ابنه الكافر، لان أهل المرسلين من يتابعهم على دينهم، وعلى هذا لفظ الاهل كان مشتركا فيه لاحتمال أن يكون المراد الاهل من حيث النسب واحتمال أن يكون المراد الاهل من حيث المتابعة في الدين، فلهذا سأل الله فبين الله له أن المراد أهله من حيث المتابعة في الدين وأن ابنه الكافر ليس من أهله وتأخير البيان في المشترك صحيح عندنا. فأما قوله تعالى: * (إنا مهلكو أهل هذه القرية) * فالبيان هنا موصول في هذه الآية بقوله: * (إن أهلها كانوا ظالمين) * وفي موضع آخر بقوله: * (إلا آل لوط) *.
فإن قيل: فما معنى سؤال إبراهيم عليه الصلاة والسلام الرسل بقوله: * (إن فيها لوطا) *؟ قلنا: فيه معنيان: أحدهما أن العذاب النازل قد يخص الظالمين كما في قصة أصحاب السبت، وقد يصيب الكل فيكون عذابا في حق الظالمين ابتلاء في حق المطيعين، كما قال تعالى: * (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) * فأراد الخليل عليه السلام أن يبين له أن عذاب أهل تلك القرية من أي الطريقين وأن يعلم أن لوطا عليه السلام هل ينجو من ذلك أم يبتلى به؟ والثاني أنه علم يقينا أن لوطا ليس من المهلكين معهم ولكنه خصه في سؤاله ليزداد طمأنينة وليكون فيه زيادة تخصيص للوط. وهو نظير قوله تعالى: * (رب أرني كيف تحيي الموتى) * وقد كان عالما متيقنا بإحياء الموتى ولكن سأله لينضم العيان إلى ما كان له من علم اليقين فيزداد به طمأنينة قلبه. فأما قوله تعالى: * (إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم) * فقد قيل إن هذا الخطاب كان لأهل مكة وهم كانوا عبدة الأوثان، وما كان فيهم من يعبد عيسى عليه الصلاة والسلام والملائكة فلم يكن أصل الكلام متناولا لهم. والأوجه أن يقول إن في صيغة الكلام ما هو دليل ظاهر على أنه غير متناول لهم، فإن كلمة ما يعبر بها عن ذات ما لا يعقل وإنما يعبر عن ذات من يعقل بكلمة من، إلا أن القوم كانوا متعنتين يجادلون بالباطل بعد ما تبين لهم فحين عارضوا بعيسى والملائكة عليه السلام علم رسول الله عليه السلام تعنتهم في ذلك، وأنهم يعلمون أن الكلام غير