وجواز وضع الزكاة لكل واحد منهما في صاحبه، وحل حليلة كل واحد منهما لصاحبه وغير ذلك من الاحكام. قالوا: فيرجح باعتبار كثرة الأشباه، وهو فاسد عندنا لان الأصول شواهد، وقد بينا أن الترجيح بزيادة عدد الشهود في الخصومات فاسد، وفي الاحكام الترجيح بكثرة العلل فاسد، فكذلك الترجيح بكثرة الأشباه.
والنوع الثالث الترجيح بعموم العلة، وذلك نحو ما يقوله الخصم: إن تعليل حكم الربا في الأشياء الأربعة بالطعم أولى لأنه يعم القليل والكثير، والتعليل بالقدر يخص الكثير وما يكون أعم فهو أولى. وعندنا هذا فاسد، لان إثبات الحكم بالعلة فرع لاثبات الحكم بالنص، وعندنا الترجيح في النصوص لا يقع بالعموم والخصوص، وعنده الخاص يقضي على العام، كيف يقول في العلل إن ما يكون أعم فهو مرجح على ما يكون أخص، ثم معنى العموم والخصوص يبتنى على الصيغة، وذلك إنما يكون في النصوص، فأما العلل فالمعتبر فيها التأثير أو الإحالة على حسب ما اختلفا فيه، ولا مدخل للعموم والخصوص في ذلك.
والنوع الرابع الترجيح بقلة الأوصاف، وذلك نحو ما يقوله الخصم في أن ما جعلته علة في باب الربا وصف واحد وهو الطعم، فأما الجنسية عندي شرط وأنتم تجعلون علة الربا ذات وصفين، فتترجح علتي باعتبار قلة الأوصاف. وهذا فاسد عندنا لما بينا أن ثبوت الحكم بالعلة فرع لثبوته بالنص، والنص الذي فيه بعض الايجاز والاختصار لا يترجح على ما فيه بعض الاشباع في البيان فكذلك العلة بل أولى، لان ثبوت الحكم هناك بصيغة النص الذي يتحقق فيه الاختصار والاشباع، وهنا باعتبار المعنى المؤثر ولا يتحقق فيه الايجاز والاشباع.