هذا الوصف، فإنه في باب الصرف يشترط القبض من الجانبين، لان الأصل فيه النقود وهي لا تتعين في العقود فكان دينا بدين، وفي السلم يشترط القبض في رأس المال، لان المسلم فيه دين ورأس المال في الغالب نقد فيكون دينا بدين، فعرفنا أنه ينعدم الحكم عند انعدام العلة. وهو يعلل فيقول: مالان لو قوبل كل واحد منهما بجنسه يحرم التفاضل بينهما فيشترط التقابض في بيع أحدهما بالآخر كالذهب والفضة. ثم الحكم لا ينعدم عند انعدام هذا المعنى في السلم، فإنه يشترط قبض رأس المال في المجلس، وإن جمع العقد هناك بدلين لا يحرم التفاضل إذا قوبل كل واحد منهما بجنسه. فهذا بيان الفصل الرابع.
فصل وأما المخلص من التعارض في دليل الترجيح فطريق بيانه أن نقول:
إن كل محدث موجود بصورته ومعناه الذي هو حقيقة له، ثم تقوم به أحوال تحدث عليه، فإذا قام دليل الترجيح لمعنى في ذات أحد المتعارضين وعارضه دليل الترجيح لمعنى في حال الآخر على مخالفة الأول فإنه يرجح المعنى الذي هو في الذات على المعنى الذي هو في الحال لوجهين: أحدهما أن الذات أسبق وجودا من الحال، فبعدما وقع الترجيح لمعنى فيه لا يتغير بما حدث من معنى في حال الآخر بعد ذلك، بمنزلة ما لو اتصل الحكم باجتهاد فتأيد به ثم لم ينسخ بما يحدث من اجتهاد آخر بعد ذلك، وإذا اتصل الحكم بشهادة المستورين بالنسب أو النكاح لرجل لم يتغير بعد ذلك بشهادة عدلين لآخر. والثاني أن الأحوال التي تحدث على الذات تقوم به فكان الذات بمنزلة الأصل وما يقوم به من الحال بمنزلة التبع، والأصل لا يتغير بالتبع على أي وجه كان. وبيان هذا فيما اتفقوا عليه أن ابن الأخ لأب وأم يكون مقدما في العصوبة على العم، لان المرجح فيه معنى في ذات