اسما ومعنى لا حكما، وعلة تشبه السبب، وعلة معنى وحكما لا اسما، وعلة اسما وحكما لا معنى.
فالأول: نحو البيع للملك، والنكاح للحل، والاعتاق لزوال الرق وإثبات الحرية، وإيقاع الطلاق للوقوع، فإن هذا كله علة اسما من حيث إنه موضوع لهذا الموجب، فإن هذا الموجب مضاف إليه لا بواسطة، وهو علة معنى من حيث إنه مشروع لأجل هذا الموجب، وهو علة حكما من حيث إن هذا الحكم يثبت به ولا يجوز أن يتراخى عنه. واختلف مشايخنا في أن مثل هذه العلة المطلقة هل يجوز أن تكون موجودة والحكم متأخر عنه؟ فمنهم من جوز ذلك وقال: الذي لا يجوز كون العلة خالية عن الحكم، فأما يجوز أن لا يتصل الحكم بها ولكن يتأخر لمانع. والأصح عندنا أنه لا يجوز تأخر الحكم عن هذه العلة ولكن الحكم يتصل ثبوته بوجود هذه العلة بعد صحتها لا محالة، وهو عندنا بمنزلة الاستطاعة مع الفعل لا يجوز القول بأنها تسبق الفعل.
وأما العلة اسما لا معنى ولا حكما: فبيانها فيما ذكرنا من تعليق الطلاق والعتاق بالشرط واليمين قبل الحنث، فإنها علة اسما لا معنى ولا حكما، لان العلة معنى وحكما ما يكون ثبوت الحكم عند تقرره لا عند ارتفاعه، وبعد الحنث لا تبقى اليمين بل ترتفع، وكذلك بعد وجود الشرط في اليمين بالطلاق والعتاق لا يبقى اليمين.
وأما العلة اسما ومعنى لا حكما: فنحو البيع الموقوف، فإنه علة للملك اسما من حيث إنه بيع حقيقة موضوع لهذا الموجب، ومعنى من حيث إنه منعقد شرعا بين المتعاقدين لافادة هذا الحكم، فإن انعقاده وتمامه معنى بما هو من خالص حقها، وليس فيه تعدي الضرر إلى الغير، وهو ليس بعلة حكما لما في ثبوت الملك به من الاضرار بالمالك في خروج العين عن ملكه من غير رضاه، ولهذا إذا وجد الإجازة منه يستند الحكم إلى وقت العقد حتى يملكه المشتري بزوائده، فيتبين به أن العلة موجودة اسما ومعنى.