الضمان، فإن ضمان العدوان يتقدر بالمثل بالنص وليس للمنفعة مثل في صفة المالية يمكن استيفاؤها في الدنيا، وعند ذلك يتبين فقه المسألة أن المانع من إلزام الضمان عندنا انعدام المماثلة لظهور التفاوت بين المنافع والأعيان في صفة المالية، وقد تقدم بيان ذلك، فيقرر بما ذكرنا أن الاعتماد على الاطراد من غير طلب التأثير ضعيف في باب الاحتجاج، وأنه بمنزلة الاحتجاج بلا دليل على ما أوضحنا فيه السبيل.
فصل: في بيان الانتقال قال رضي الله عنه: الانتقال على أربعة أوجه: انتقال من علة إلى علة أخرى لاثبات الأولى بها، وانتقال من حكم إلى حكم لاثباته بالعلة الأولى، وانتقال من حكم إلى حكم (آخر) لاثباته بعلة أخرى. وهذه الأوجه الثلاثة مستقيمة على طريق النظر لا تعد من الانقطاع.
أما الأول فلان المعلل إنما التزم إثبات الحكم بما ذكره من العلة ويمكنه من ذلك بإثبات العلة، فما دام سعيه فيما يرجع إلى إثبات تلك العلة يكون ذلك وفاء منه بما التزم لا أن يكون إعراضا عن ذلك واشتغالا بشئ آخر. وبيان هذا فيما إذا عللنا في نفي الضمان عن الصبي المستهلك للوديعة بأنه استهلاك عن تسليط صحيح ثم نشتغل بإثبات هذه العلة، فإنه يكون هذا انتقالا من علة إلى أخرى لاثبات العلة الأولى بها، ولا يشك أحد في أن ذلك مستقيم على طريق النظر، وعلى هذا إذا اشتغل بإثبات الأصل الذي يتفرع منه موضع الخلاف حتى يرتفع الخلاف بإثبات الأصل فإن ذلك حسن صحيح، نحو ما إذا وقع الاختلاف في الجهر بالتسمية، فإذا قال المعلل: هذا يبتنى على أصل وهو أن التسمية ليست بآية من الفاتحة ثم يشتغل بإثبات ذلك الأصل حتى يثبت الفرع بثبوت الأصل يكون مستقيما. وكذلك إذا علل بقياس فقال خصمه: القياس عندي ليس بحجة، فاشتغل بإثبات كونه حجة بقول صحابي، فيقول خصمه: قول الواحد