فإنا نمنع إضافة هذا الحكم في الحدود إلى هذا الوصف، لأنه كون الحد ليس بمال لا يصلح علة لامتناع ثبوته بشهادة النساء مع الرجال.
وتعليلهم في الاحصار بالمرض أنه لا يفارقه ما حل به بالاحلال، كالذي ضل الطريق الممانعة في الأصل على هذا الوجه. وتعليلهم في المبتوتة أنها لا تستوجب النفقة ولا يلحقها الطلاق لأنها ليست بمنكوحة كالمطلقة قبل الدخول، فإنا نمنع إضافة هذا الحكم في الأصل إلى هذا الوصف، إذ العدم لا يصلح أن يكون موجبا شيئا. وعلى هذا فخرج ما شئت من المسائل.
فصل: في بيان فساد الوضع قال رضي الله عنه: اعلم بأن فساد الوضع في العلل بمنزلة فساد الأداء في الشهادة وأنه مقدم على النقض، لان الاطراد إنما يطلب بعد صحة العلة، كما أن الشاهد إنما يشتغل بتعديله بعد صحة أداء الشهادة منه، فأما مع فساد في الأداء لا يصار إلى التعليل لكونه غير مفيد. ثم تأثير فساد الوضع أكثر من تأثير النقض، لان بعد ظهور فساد الوضع لا وجه سوى الانتقال إلى علة أخرى، فأما النقض فهو جحد مجلس يمكن الاحتراز عنه في مجلس آخر.
وبيانه فيما قال الشافعي في إسلام أحد الزوجين إن الحادث بينهما اختلاف الدين، فالفرقة به لا تتوقف على قضاء القاضي كالفرقة بردة أحد الزوجين.
لأنا نقول: هذا الاختلاف إنما حصل بإسلام من أسلم منهما، فأما باعتبار بقاء من بقي على الكفر الحال حال الموافقة فقد كان بينهما الموافقة وهذا على دينه، فعرفنا أن الاختلاف الحادث بإسلام المسلم منهما هو سبب لعصمة الملك وزيادة معنى الصيانة فيه، فالتعليل به لاستحقاق الفرقة يكون فاسدا وضعا في الفرع وإن كان صحيحا في الأصل، من حيث إن الاختلاف هناك حادث بالردة وهي سبب لزوال الملك والعصمة. وكذلك قولهم في المسح بالرأس إنه ركن في الطهارة فيسن تثليثه كغسل الوجه فاسد وضعا، لأنه يرد المسح المبني