سواهما. قلنا: قد روي أن عمر كتب إلى شريح: اقض بما في كتاب الله، فإن لم تجد فبسنة رسول الله، فإن لم تجد فاجتهد برأيك.
فإن قيل: معنى قوله: (فاجتهد برأيك) في آرائنا وأقاويلنا. قلنا:
هذه زيادة على النص وهي تنزل منزلة النسخ فلا يكون تأويلا، وقد صح أن عليا رضي الله عنه تحاكم إلى شريح وقضى عليه بخلاف رأيه في شهادة الولد لوالده ثم قلده القضاء في خلافته، وابن عباس رضي الله عنهما رجع إلى قول مسروق في النذر بذبح الولد فأوجب عليه شاة بعدما كان يوجب عليه مائة من الإبل، وعمر رضي الله عنه أمر كعب بن سور أن يحكم برأيه بين الزوجين فجعل لها ليلة من أربع ليال وكان ذلك خلاف رأي عمر. قال أبو سلمة بن عبد الرحمن: تذاكرنا مع ابن عباس وأبي هريرة عدة مرات عدة الحامل المتوفى عنها زوجها فقال ابن عباس: تعتد بأبعد الأجلين، وقلت: تعتد بوضع الحمل، فقال أبو هريرة:
أنا مع ابن أخي، وعن مسروق أن ابن عباس رضي الله عنهما صنع طعاما لأصحاب عبد الله بن مسعود فجرت المسائل، وكان ابن عباس يخطئ في بعض فتاويه فما منعهم من أن يردوا عليه إلا كونهم على طعامه. وسئل ابن عمر عن مسألة فقال:
سلوا عنها سعيد بن جبير فهو أعلم بها مني. وكان أنس بن مالك إذا سئل عن مسألة فقال سلوا عنها مولانا الحسن. فظهر أنهم سوغوا اجتهاد الرأي لمن أدرك عصرهم ولا معتبر بالصحبة في هذا الباب، ألا ترى أن إجماع أهل كل عصر حجة وإن انعدمت الصحبة لهم، وأنه قد كان في الصحابة الاعراب الذين لم يكونوا من أهل الاجتهاد في الاحكام فكان لا يعتبر قولهم في الاجماع مع وجود الصحبة، فعرفنا أن هذا الحكم إنما يبتنى على كونه من علماء العصر، وممن يجتهد في الاحكام ويعتد بقوله. ثم الصحابة فيما بينهم كانوا متفاضلين في الدرجة،