لزوم الحكم، بمنزلة صاحب الفالج إذا تطاول ما به وأمن الموت منه كان بمنزلة الصحيح في تصرفاته. وفي الحكميات إضافة البيع الحر يمنع انعقاد أصل العلة، وإضافة إلى مال الغير يمنع انعقاد تمام العلة في حق المالك حتى يتعين جهة البطلان فيه بموته، واشتراط الخيار من المالك لنفسه في البيع يمنع ابتداء الحكم، وثبوت خيار الرؤية للمشترى يمنع الحكم حتى لا تتم الصفقة معه، وثبوت خيار العيب يمنع لزوم الحكم حتى يتمكن من رده بعد تمام الصفقة بالنقض.
والحجة لعلمائنا في ابطال القول بتخصيص العلة الاستدلال بالكتاب، والمعقول، والبيان الذي لا يمكن انكاره.
اما الكتاب فقوله تعالى: (قل الذكرين حرم أم الأنثيين، اما اشتملت عليه أرحام الأنثيين نبئوني بعلم ان كنتم صادقين) ففيه مطالبة الكفار ببيان العلة فيما ادعوا فيه الحرمة على وجه لا مدفع لهم فصاروا محجوجين به. وذلك الوجه انهم إذا بينوا أحد هذه المعاني ان الحرمة لأجله انتقض عليهم باقرار هم بالحل في الموضع الاخر مع ذلك المعنى فيه، ولو كان التخصيص في علل الأحكام الشرعية جائزا ما كانوا محجوجين، فان أحدا لا يعجز من أن يقول امتنع ثبوت حكم الحرمة في ذلك الموضع لمانع، وقد كانوا عقلاء يعتقدون الحل في الموضع الاخر لشبهة أو معنى تصورهم عندهم. وقوله تعالى:
(نبئوني بعلم) إشارة إلى أن المصير إلى تخصيص العلل الشرعية ليس من العلم في شئ فيكون جهلا.
واما المعقول فلان العلل الشرعية حكمها التعدية كما قررنا، وبدون التعدية لا تكون صحيحة أصلا، لأنها خالية عن موجبها، وإذا جاز قيام المانع في بعض المواضع الذي يتعدى الحكم إليه بهذه العلة جاز قيامه في جميع المواضع فيؤدى إلى القول بأنها علة صحيحة من غير أن يتعدى الحكم بها إلى شئ من الفروع، وقد أثبتنا فساد هذا القول بالدليل. ثم إن كان تعدية الحكم بها إلى فرع