الربا بالكيل والوزن فإن ذلك وصف عارض يختلف باختلاف عادات الناس في الأماكن والأوقات، وقد يكون حكما نحو قول رسول الله عليه السلام للخثعمية: أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته الحديث، فإن الدين عبارة عن الوجوب في الذمة، وذلك حكم قد بين لها حكما بالاستدلال بحكم آخر، وذلك دليل جواز التعليل بالحكم، وقد يكون هذا الوصف فردا وقد يكون مثنى، وقد يكون عددا. فالفرد نحو تعليل ربا النساء بوصف واحد وهو الجنس أو الكيل أو الوزن عند اتحاد المعنى، والمثنى نحو علة (حرمة) التفاضل، فإنه القدر مع الجنس، والعدد نحو تعليلنا في نجاسة سؤر السباع بأنه حيوان محرم الاكل لا للكرامة ولا بلوى في سؤره، وإنما يكون العدد من الأوصاف علة إذا كانت لا تعمل حتى ينضم بعضها إلى بعض، فإن كل وصف يعمل في الحكم بانفراده فإنه لا يكون التعليل بالأوصاف كلها، وقد يكون ذلك الوصف في النص، وقد يكون في غيره. أما ما يكون في النص فغير مشكل، فإنه إنما يعلل النص والتعليل بوصف فيه يكون صحيحا لا محالة. وأما ما يكون في غيره فنحو ما روي أن النبي عليه السلام نهى عن بيع ما ليس عند الانسان ورخص في السلم، فإن هذه الرخصة معلولة بإعدام العاقد وذلك ليس في النص، ونهى رسول الله (ص) عن بيع الآبق وعن بيع الغرر، وهو معلول يعجز البائع عن تسليم المبيع أو جهالة في المبيع في نفسه على وجه يفضي إلى المنازعة وهذا ليس في النص، قال عليه السلام: لا تنكح الأمة على الحرة ثم علل الشافعي هذه الحرمة بإرقاق الحر جزءا منه وهو الولد مع غنيته عنه وهذا ليس في النص، ولكن ذكر البيع يقتضي بائعا، وذكر السلم يقتضي عاقدا، وذكر النكاح يقتضي ناكحا، وما يثبت بمقتضى النص فهو كالمنصوص.
وكذلك عللنا نحن نهي رسول الله عليه السلام عن صوم يوم النحر بعلة رد الضيافة التي للناس في هذا اليوم من الله تعالى بالقرابين وذلك ليس في النص.
وكل نهي جاء لا لمعنى في عين المنهي عنه فهو من هذا النوع.