بني هاشم إن الله كره لكم غسالة أيدي الناس، وعوضكم منها خمس الخمس فتبين أنه بمنزلة الماء المستعمل، ولهذا كان الحكم في شريعة من قبلنا أن الصدقات المقبولة والقرابين كانت تأكلها النار ولا يجوز الانتفاع بها، وفي شريعتنا لا يحل شئ منها للغني ويحل للفقير لحاجته، بمنزلة حل الميتة عند الضرورة، فعرفنا أن حكم النص صلاحية المحل للصرف إلى كفاية الفقير، وبعد التعليل تبقى هذه الصلاحية كما كانت قبلها ويتعدى حكم الصلاحية إلى سائر المحال كما هو حكم التعليل في القياس الشرعي، وبهذا يتبين أن اللام في قوله: للفقراء لام العاقبة، أي تصير لهم باعتبار العاقبة، ولكن بعد تمام أداء الصدقات يجعل المال لله بابتداء التسليم إلى الفقراء، أو يكون المراد بيان المصرف الذي يكون المال بقبضهم لله تعالى خالصا هو، لا بمنزلة الكعبة فإن الأركان باعتبار التوجه إليها تصير صلاة لا أن تكون الصلاة حقا للكعبة، ثم كل صنف من هذه الأصناف جزء من المصارف بمنزلة جزء من الكعبة، واستقبال جزء منها كاستقبال جميعها في حكم الصلاة وهو ثابت بالنص لا بالتعليل، فكذلك الصرف إلى صنف لما فيه من سد خلة المحتاج بمنزلة الصرف إلى الأصناف لا بطريق التعليل. وحكم الاطعام كذلك، فإن حكم النص أن المساكين العشرة محل لصرف طعام الكفارة إليهم، وهذا الحكم باق في المنصوص بعد التعليل كما قبله، ولكن ثبت بدلالة النص للتنصيص على صفة المسكنة في المصروف إليه أن المطلوب سد الخلة، وعلم يقينا تجدد الحاجة للمسكين بتجدد الأيام فصار بدلالة النص ما يقع به التكفير سد عشر خلات وهو ثابت بالصرف إلى مسكين واحد في عشرة أيام كما يثبت بالصرف إلى عشرة مساكين.
وأما التكبير فلا نقول حكم النص وجوب التكبير بعينه عند الشروع في الصلاة، ولكن الواجب التعظيم باللسان، لان اللسان من الأعضاء الظاهرة من وجه، والصلاة تعظيم الله تعالى بجميع الأعضاء، فتعلق بكل عضو ما يليق به من التعظيم، ثم التعظيم