إلى شئ من عينها أنه مملوك عليها يكون حكما ثابتا بخلاف القياس، وقد بينا أن مثل هذا لا يقبل التعليل وأنه ملك ضروري ظهر شرعا لتحقق الحاجة إلى تحصيل السكن والنسل بمنزلة حل الميتة عند الضرورة فلا يقبل التعليل، ولان التعليل إنما يجوز بشرط أن يكون الفرع نظير الأصل في الحكم الذي يقع التعليل له، ولا نظير لملك النكاح من سائر أنواع الملك، لان سائر أنواع الملك يثبت في محل مخلوق ليكون مملوكا للآدمي، وهذا الملك في الأصل يثبت على حرة هي مخلوقة لتكون مالكة، وأي مباينة فوق المالكية والمملوكية، فإذا ثبت أنه لا نظير لهذا الملك من سائر الأملاك ثبت أنه لا يمكن المصير إلى التعليل فيه لمعرفة صفته.
ومن ذلك الكلام في موجب الألفاظ حتى يصير في الرهن أنه يد الاستيفاء حقا للمرتهن، بمنزلة اليد التي تثبت في المحل بحقيقة الاستيفاء، أم حق البيع في الدين، ثم اليد شرط لتتميم السبب كما في الهبة اليد شرط لتتميم السبب، والحكم ثبوت الملك في المحل بطريق العلة، فهذا مما لا يمكن إثباته (في القياس) بالقياس الشرعي، لان أحكام العقود مختلفة شرعا ووضعا، وباعتبار الاختلاف يعلم أنه ليس بعضها نظيرا للبعض، ومن شرط صحة التعليل أن يكون الفرع نظيرا للأصل، بل طريق معرفة حكم الرهن التأمل فيما لأجله وضع هذا العقد وشرع، فنقول: إنه مشروع ليكون وثيقة لجانب الاستيفاء لا مؤكدا للوجوب، ألا ترى أنه يختص بالمال الذي هو محل للاستيفاء فأما محل الوجوب فالذمة، وإذا كان وثيقة لجانب الاستيفاء علم أن موجبه من جنس ما يثبت بحقيقة الاستيفاء، والثابت بحقيقة الاستيفاء ملك العين وملك اليد، ثم بالرهن لا يثبت ملك العين. فعرفنا أن موجبه ملك يد الاستيفاء بمنزلة الكفالة فإنها وثيقة لجانب الوجوب ولهذا اختصت بالذمة، ثم كان موجبها من جنس ما يثبت بحقيقة الوجوب وهو ملك المطالبة، لان الثابت بالحقيقة ملك أصل الدين في ذمة من يجب عليه وثبوت حق المطالبة بالأداء، فالثابت بالوثيقة التي هي لجانب الوجوب من جنسه وهو حق المطالبة