لا يخلو من أن يكون ذلك النص الخفي، طريق إدراكه اجتهاد الرأي على ما قلنا، أو يكون عليه دليل قائم يفضي (بالنظر) إلى العلم به.
فإن كان مدركا من طريق الاجتهاد فهو الذي قلنا. وإن كان عليه دليل قائم يفضي بالناظر إلى (العلم) به. فأين كانت الصحابة عنه حين نظروا في أحكام الحوادث، واختلفوا فلم يعنف بعضهم بعضا؟
فلما وجدناهم مختلفين فيها، ولم يدع بعضهم بعضا إلى استدراك حكمها من الجهة التي ذكرت، بل إنما فزعوا إلى القياس واجتهاد الرأي، علمنا به بطلان قولك.
وأيضا: فلو كان عليه دليل قائم لله تعالى - ولم يكن طريقه الاجتهاد - لكان سبيل المخطئ فيه - عند الصحابة - سبيل المخطئ في الأمور التي خرجوا فيها عند وقوع الخطأ إلى اللعن والبراءة، وإلى التحزب في القتال.
فلما لم نجدهم فيها كذلك، ثبت بطلان قولك: إن النص الخفي هو الذي عليه دليل قائم.
فإن قالوا: إن النص الخفي، هو كقوله تعالى: فلما تقل لهما أف) عقل به النهي عما فوقه.
وكقوله تعالى: (وورثه أبواه فلأمه الثلث) علم أن الثلثين للأب، ونظائر ذلك.
قيل له: فهذا الضرب من المعاني مما لم يقع فيه (خلاف بين، ولو كان النص الخفي الذي ادعيته لاحكام الحوادث بهذه المثابة، لما وقع فيها خلاف) بين الصحابة، ولا بين أحد من الفقهاء، فقد آل، الامر بنا إلى الرجوع إلى اجتهاد الرأي، وصار المدعي النص