بصحته على جهة تعريف (المعنى) وإفهام هو المراد.
فإن قال قائل: إن كان الاستحسان اسما لما قامت الدلالة على صحته، وثبتت حجته فواجب على هذه القضية أن يسمى كل ما قامت دلالة صحته استحسانا، حتى يسمى النص والاجماع والقياس وجميع ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم استحسانا.
قيل له: إن جميع ما حكم الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم به فهو حسن، وكلما قامت دلالة صحته من الاحكام مستحسن لا محالة، لا يجوز غيره، إلا أنه يمنع أن يكون إطلاق اللفظ مقصورا في بعض الأحوال على بعض ذلك، دون بعض الاختصاص، كل معنى سواه بأسماء معروفة.
فلما احتاجوا فيما عرفوه من من هذه المعاني من هذه الجهة إلى اسم يفيدون به السامع المعنى الذي اختاروا له هذا اللفظ دون غيره، مع ما وجدوا له من الأصل في الكتاب والسنة.
وقد سمى أصحابنا عموم الكتاب والسنة في بعض الأحوال استحسانا وكذلك الإجماع والقياس، وسنبينه في موضعه إن شاء الله تعالى.
وليست الأسماء محظورة على أحد عند الحاجة إلى الإفهام بل لا يستغني أهل كل علم وصناعة إذا اختصوا بمعرفة دقيق ذلك العلم ولطيفه وغامضه دون غيرهم، وأرادوا الإبانة عنها وإفهام السامعين لها (من) أن يشتقوا لها أسماء، ويطلقوها عليها على جهة الإفادة والإفهام، كما وضع النحويون أسماء لمعاني عرفوها وأرادوا إفهامها غيرهم، فقالوا: