كما يطلق امرأتين فيراجع إحداهما، ولا يراجع الأخرى حتى تبين.
وكما أن له إذا حنث في يمينين أن يختار في إحداهما العتق، وفي الأخرى الكسوة، أو الاطعام.
وينبغي أن يجيزوا له إذا استفتاه رجلان في الحرام: أن يفتي بأحدهما بالطلاق، ويفتي أحدهما بأنه يمين، ليس بطلاق في مجلس واحد، وهما حاضران.
قال أبو بكر: الجواب: أنه متى اختار أحد الامرين لم يجز له العدول عنه، إلا برجحان يبين له في القول الاخر.
والكلام في امتناع جواز ذلك خارج عن مسألتنا.
ومتى قلنا: إن ذلك ممتنع غير جائز، لدليل قام عليه.
فقيل لنا: ما الدليل عليه؟ وما أنكرت أن يكون كسائر ما ألزمناكم التسوية بينه وبينه؟
فشرعنا في ذكر المعنى الموجب للفرق بينهما، كان ذلك اشتغالا بمسألة أخرى.
وعلى أنا مع ذلك لا نخلي السائل عن ذلك، من إسقاط سؤاله من وجه آخر، وهو أنا قد وجدنا في الأصول من أن يكون مخيرا بين شيئين، ثم إذا فعل أحدهما سقط خياره في فعل الآخر.
ألا ترى: أن الانسان مخير بين طلاق امرأته، وبين تبقيتها على النكاح، ومخير بين أن يراجع المطلقة، وبين أن يتركها حتى تنقضي عدتها، فتبين.
ومخير بين عتق عبده، وبيعه، أو تركه.
ومخير بين أخذ ما بيع في شركته، أو جواره بالشفعة، وبين ألا يأخذ، ولا يطلب، فتبطل شفعته.
ومخير بين الإقالة، والخلع، ونحوه من العقود، وبين أن لا يفعله، ثم إذا وقع كان مخيرا في ترك إيقاعه من ذلك، سقط خياره في هذه الوجوه، ولم يكن له بعد ذلك العدول إلى الامر الأول، ولا فسخ ما كان أوقعه، مما كان مخيرا فيه قبل إيقاعه.
وكذلك المسافر: مخير أن يصلي ركعتين، أو يدخل في صلاة مقيم، فيصلى أربعا.