فرسا، فهذا ما لا معنى له، إذ لا فرق بينه وبين من ابتدأ وضع اسم لشئ لا يعرفه غيره، وهذا لا فائدة فيه.
وقد كان قوم ههنا ببغداد في حدود المجانين عند العقلاء، وهم عند أنفسهم عقلاء، ممن يتعاطى شيئا من النحو، يدعون جواز قياس الأسماء، فينظرون إلى أصل الاسم في اللغة، وإلى اشتقاقه، فيقيسون عليه ما في معناه مما لا يعرفه العرب.
ولقد بلغني: أنه قبل لبعضهم: ما اشتقاق الجرجير، وما أصله؟
قال: إنما سمى جرجيرا لأنه يتجرجر إذا خرج من الأرض، يعني يتحرك.
قيل له: فينبغي أن تكون لحيتك جرجيرا، لأنها تتحرك.
وقال بعضهم: إن القارورة إنما سميت بهذا الاسم لأنها يستقر فيها ما يجعل فيها، ثم قاس على هذا كل ما كان في معناه، فسمى جوف الانسان قارورة، وسمى البحر قارورة، وكان الناس ينسبون قائل هذا القول إلى الهوس والجنون، ويحكون عنه وعن أمثاله هذه الحكايات على جهة الهزء والسخرية وتعجب الناس من بلههم.