ألا ترى: أنهم قالوا: إن الزوج لو قال: قد أخبرتني أن عدتها قد انقضت، وأنا أريد أن أتزوج (أختها) كان له ذلك، ولا تصدق هي على بقاء العدة في حق غيرها، وتكون عدتها باقية في حقها، ولا تسقط نفقتها، فصار كقولها: قد حضت (وله) حكمان.
أحدهما: فيما يخصها ويتعلق بها، وهو طلاقها وانقضاء عدتها، وما جرى مجرى ذلك، فجعل قولها فيه كالبينة.
والآخر: في طلاق غيرها، أو (في) عتق العبد، فصارت في هذا الحال شاهدة كإخبارها بدخول الدار، وكلام زيد، إذا علق به العتق أو الطلاق.
فإن قال قائل: يلزمك إذا جعلت قولها كالبينة من وجه، وصدقتها فيه في باب وقوع الطلاق عليها، أن يكون ذلك حكمه في سائر الوجوه، حتى تصدق في وقوع الطلاق والعتاق على غيرها. فكيف يجوز أن يكون قولها كالبينة في حال، ولا يكون له هذا الحكم في وجه آخر.
قيل له: لا يمتنع أن يكون لقولها هذان الحكمان من الوجهين الذين ذكرنا.
ولهذا نظائر كثيرة في الأصول: منها أن رجلا وامرأتين لو شهدوا على رجل بالسرقة، حكمنا بشهادتهم في باب استحقاق المال، ولم نحكم بها في إيجاب القطع، وامتناع جواز الحكم بها في القطع لم يمنع إيجاب الحكم بها في المال.
ولو أن رجلا ذكر أن امرأته هذه أخته من أبيه، أو أمه، وهي مجهولة النسب، وثبت على ذلك فرقنا بينهما، ولم نحكم بالنسب، فأثبتنا حكم إقراره من وجه وأبطلناه من وجه آخر، ونظائر ذلك كثيرة في الأصول.
وأما معنى قول محمد الذي حكيناه في صدر المسألة: أن في هذا الاستحسان بعض