الفصول في الأصول - الجصاص - ج ٤ - الصفحة ٣٢٨
ولكان المجتهدون في تدبير الحرب ومكائد العدو متبعين للهوى حاكمين بالظن، فلما انتفى ذلك عمن وصفنا ولم يجز إطلاقه فيهم، كان كذلك حكم المجتهدين في مسائل الفتيا.
واحتجوا أيضا: بما ذكر الله تعالى في قصة داود وسليمان عليهما السلام في الحرث، في قوله تعالى: " وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث.. إلى قوله تعالى: " ففهمناها سليمان ".
قالوا: فهذا دليل (على) أن سليمان عليه السلام كان هو المصيب لحقيقة الحكم عند الله تعالى، لولا ذلك لما خص بالتفهيم دون داود عليهما السلام.
قال أبو بكر: قد أجيبوا عن هذا بأجوبة: أن ليس في قوله تعالى: " ففهمناها سليمان " دليل (على) أن داود لم يفهمها، كما أن ليس في قوله تعالى: " ولقد آتينا داود وسليمان علما " دلالة على نفي العلم عن غيرهما من الأنبياء عليهم السلام.
وكما أن قوله تعالى: " لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة " لا دلالة فيه أنه لم يرض عن غيرهم ممن لم يبايع تحت الشجرة، إذ ليس في تخصيص الشئ بالذكر دلالة على أن ما عداه بخلافه.
(٣٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 323 324 325 326 327 328 329 330 331 332 333 ... » »»
الفهرست