فمن العلل التي تكون ذات أوصاف، نحو تحريم البيع في البر بالبر، إذ أردنا قياس غيره عليه عند وجود التفاضل، فنقول: إن علة تحريم البيع وجود زيادة كيل في جنس.
فكانت زيادة الكيل مع الجنس بمجموعها علة الفساد البيع.
ولا يجوز أن يقال: إن الحنس على الانفراد علة في ذلك. ولا الكيل على الانفراد لما وصفنا.
ونظيره: قولنا في سؤر السباع التي يستطاع الامتناع من سؤرها إنه نجس، قياسا على الكلب بعلة أنه محرم الاكل لا لحرمته. ويستطاع الامتناع من سؤره. فالعلة ههنا ذات أوصاف ثلاثة:
أحدها: أنه محرم الاكل.
والثاني: أن تحريم أكله لا لحرمته.
والثالث: أنه يستطاع الامتناع من سؤره في العادة، ومتى أخللت شيئا من هذه الأوصاف انتقضت العلة، فصارت هذه الأوصاف لمجموعها علة لتحريم السؤر.
ومما يكون العلة فيه وصفا (واحدا) من أوصاف الأصل. قولنا: إن الجنس بانفراده يحرم النساء، والكيل والوزن، كل واحد منهما بانفراده يحرم النساء، فكان هذا الوصف الواحد علة لتحريم النساء، وكان الكيل مع الجنس بمجموعهما علة لترحيم التفاضل.
والعلل الشرعية أمارات للأحكام، وعلامات لها، لا على جهة إيجابها لها كإيجاب العلل العقلية لأحكامها على حسب ما تقدم من بيانها في ذكر وصف العلل، فإنما تعلق الاحكام بها حسب تعلقها بالأسماء، فيكون الاسم (علما لوجوب) الحكم، لا على جهة إيجابه له.
كذلك العلل الشرعية هذه سبيلها، ومن أجل ما ذكرنا جاز وجود هذه الأوصاف التي هي علل الاحكام عارية من أحكامها.
وغير جائز أن يكون (حكم) علل الشرع مقصورا على موضع النص، والاتفاق