الخفي إنما عبر به عن الاجتهاد، وكذلك من ادعى: أن أحكام الحوادث مستدركة من جهة الدليل الذي لا يحتمل في اللغة إلا معنى واحدا.
فإنه يقال له: خبرنا عن اعتبارك هذا الدليل دون غيره. أقلته بنص، أو إجماع، أو بدليل مثله؟
فإن ادعى فيه نصا، أو إجماعا، طولب بإيجاده، ولا سبيل له إليه.
و (إن) قال: قلته بدليل مثله.
قليل (له): فعنه سئلت، فمن أين أثبته؟
وعلى أنه يطالب بإظهاره، ولا سبيل له إلى إثباته، لان ما لا يحتمل إلا معنى واحدا، لا يختلف فيه الصحابة.
فإن قال: قلته من جهة اللغة.
قيل (له): فخبرنا عما لا يحتمل في اللغة الا معنى واحدا، وهل يجوز وقوع الخلاف فيه بين أهل المعرفة بمعاني اللغة؟
فإن قال: نعم.
قيل له: فكأنهم لم يعرفوا موضوع لغاتهم، ولا دلالاتها!
وإن قال: لا.
قيل له: فإنما سألتكم عمن عرف موضوع اللغة ودلالتها، وكان من أهلها، وممن نزل القرآن بلسانه.
فإن قال: لا يجوز وقوع الخلاف فيما كان هذا وصفه بين من ذكرت من أهل اللغة.
قيل له: فلم اختلفت الصحابة في أحكام الحوادث، مع وجود الدلالة التي لا تحتمل في اللغة إلا معنى واحدا؟ وخبرني عن النص الذي لا يحتمل في اللغة إلا معنى واحدا، هل يجوز وقوع الخلاف في معناه، وموجب حكمه، بين الصحابة الذين هم من أهل اللغة،