فإن قال: قولكم: إنه لا فائدة في استخراج علة لا تعدو النص غلط، لان فائدته أنه نعلم (أن) الله تعالى حرم لهذه العلة، فقد استفدنا معنى لو لم تكن هذه العلة لم نستفده. ونستحق بالتوصل إلى هذا العلم ثوابا، فيكون ذلك فائدتنا فيه.
قيل له: أتعني بقولك: إن الله تعالى حرمه لهذه العلة، وإن هذه العلة كانت موجبة للتحريم لا محالة، أو عنيت أن المعنى (قد) كان يجوز وجوده غير موجب للحكم، إلا أن الله تعالى جعله علة للحكم المذكور نصا.
فإن قال: لم يكن المعنى موجبا للتحريم من طريق الحكمة، وقد كان جائز أن لا يحرمه الله تعالى مع وجود المعنى.
قيل له: فقد أجزت على الله تعالى فعل العبث، لان المعنى إذا لم يقتض التحريم، ولم يوجبه من طريق الحكمة، فغير جائز أن يقول الله عز وجل: إني حرمته لأجل المعنى، كما لا يجوز، أن يقول: حرمته لأجل أني خلقت السماوات والأرض، (إذ لا تعلق لذلك بالحكم).
فإن قال: يلزمك مثله في العلة المتعدية إلى فروعها من غير المنصوص، لأنها عندك غير موجبة لتلك الأحكام، وقد جعلتها عللا لها.
قيل له: ليست تلك عللا على الحقيقة عندنا، ولا نعلق وجوب الحق بها، وإنما هي علامات كالأسماء، على النحو الذي بينا، وأنت حين عللت النص، فإنما رمت إثبات علله أنها موجبة للحكم المنصوص لا على معنى أنها علامة، لان ما قد علم ثبوته بالنص لا يحتاج إلى علة تكون علامة لحكمه.
فإن قال: لا بد ان يكون ما حرم الله تعالى الشئ من أجله يوجب التحريم من طريق الحكم.