قلنا: لا يخلو المثبت للأسماء قياسا: من أن يثبتها على أنها تصير اسما لمسمياتها في اللغة، أو الشرع.
فإن كان ما أثبته من ذلك قياسا إنما يصير اسما لغويا، فهذا خلف من القول، لان أسماء اللغة إنما تثبت وتصير من اللغة باصطلاح أهلها، ومواصفاتهم عليها، حتى يشترك في معرفتها سائر أهلها.
ومعلوم أن ما ثبت من جهة القياس لا يعرفه اسما للمسمى به إلا القائس الذي أداه قياسه بزعمه إلى إثباته، فبطل من هذا الوجه أن يكون الاسم المثبت من طريق القياس اسما لغويا، وإن كان ما يثبته بالقياس يصير اسما شرعيا، وإن سبيل أسماء الشرع أن يشترك في معرفته علماء الشرع، كما يشترك أهل اللغة في المعرفة بأسماء اللغة.
ألا ترى أنهم قد علموا الصلاة والزكاة والايمان والكفر ونحوه من أسماء الشرع.
وغير جائز ان يختص به القائس دون غيره، فلما كان ما يثبته القائس من هذه الأسماء خارجا عن هذا الحد علمنا أنه لا يصلح إثباته اسما شرعيا من طريق القياس، لأنه حينئذ إنما يصير اسما له عند هذا القائس دون من لم يقس، وما اختص به بعض الناس في إثباته دون بعض، لا يكون اسما للشئ المسمى به، مع كونهم جميعا من أهل المعرفة بأمور الشرع وأصوله، وإثبات الأسماء من أصوله، فسبيله أن يكون ظاهرا مشهورا متعالما مدركا من طريق التوقيف، الذي يشترك (الجميع في)، دون القياس الذي يختص به بعضهم دون بعض، كما كانت أسماء اللغة الموضوعة للأجناس، والمشتقة من أوصاف المسمين مشهورة معروفة عند أهلها، قد عرفوها من جهة السماع والتلقي، دون ما يختص به بعضهم دون بعض.
فإن قال قائل: إذا جاز أن تكون الاحكام على ضربين: ضرب مدرك من طريق النص، وضرب من طريق الدليل. فهلا جوزت مثله في الأسماء؟