باب ذكر الدلالة على إثبات الاجتهاد والقياس في أحكام الحوادث قال أبو بكر - رحمه الله: نبدأ بعون الله تعالى وتوفيقه بالكلام على مخالفينا في القياس والاجتهاد في أحكام الحوادث. ثم نعقبه ببيان وجوه القياس الشرعي. ثم نذكر أقاويل المختلفين في حكم المجتهدين، ومذاهب أصحابنا فيه.
قال أبو بكر: لا خلاف بين الصدر الأول والتابعين وأتباعهم في إجازة الاجتهاد والقياس على النظائر في أحكام الحوادث، وما نعلم أحدا نفاه وحظره من أهل هذه الاعصار المتقدمة.
إلى أن نشأ قوم ذو جهل بالفقه وأصوله، لا معرفة لهم بطريقه السلف، ولا توقي للاقدام على الجهالة واتباع الأهواء البشعة، التي خالفوا فيها الصحابة، ومن بعدهم من أخلافهم. فكان أول من نفى القياس والاجتهاد في أحكام الحوادث إبراهيم (النظام).
وطعن على الصحابة من أجل قولهم بالقياس إلى ما لا يليق بهم، وإلى ضد ما وصفهم الله تعالى به، وأثنى به عليهم، بتهويره وقلة علمه بهذا الشأن، ثم تبعه على هذا القول نفر من متكلمي البغداديين، إلا أنهم لم يطعنوا على السلف كطعنه، ولم يعيبوهم لكنهم ارتكبوا من المكابرة، وجحد الضرورة أمرا شنيعا، فرارا من الطعن على السلف