وقال آخرون: لا يجب ذلك في جميع الحوادث (دائما)، وإنما يجب ذلك في بعضها لتصحيح الاجتهاد، وقد ذكرنا فيما سلف: أنه مذهب أبي عبد الله بن زيد الواسطي، ويسميه تقويم ذات الاجتهاد، يعني أنه يصح الاجتهاد، فإذا علمنا في الأصول ما هو أشبه ببعض الحوادث بغير أعيانها، فنحن نجوز في كل حادثة أن تكون هي التي لها أصل هو أشبه الأصول بها، فيصح حينئذ الاجتهاد في الطلب.
قال أبو بكر: قد ذكرنا في أول الاجتهاد، وحكينا أيضا عن أبي الحسن في معنى قول أصحابنا: إن الحق عند الله تعالى في واحد: أن هناك حقيقة مطلوبة، يتحرى المجتهد موافقتها باجتهاده، وإن لم يكن مكلفا لإصابتها، وأن ما عند الله من ذلك هو الأشبه المطلوب.
لا يحفظ عندهم القول بتجويز أن لا يكون لبعض الحوادث من الأصول ما هو أشبه بها، وهو قولهم: الحق عند الله تعالى في واحد، يدل على أنهم لم يفصلوا بين شئ منها في أن لها من الأصول ما هو أشبه بها.