فإن دخل في صلاة مقيم سقط خياره، (فإذ قد كنا) وجدنا في الأصول من كان مخيرا بين شيئين، ثم اختار أحدهما وألزمه نفسه (إياه) (وأمضاه)، لم يكن له الرجوع عما أمضاه، ولا العدول إلى آخر، فقد بطل أن يستدل بوجوه خياره قبل الاختيار والايقاع على بقاء خياره في فسخ ما أوقع، (و) العدول عنه إلى غيره.
وسقط بذلك سؤال السائل لنا: بأنه لما كان مخيرا في الابتداء وجب بقاء خياره، ما لم يحدث هناك عنده ترجيح لاحد القولين.
ولم يصح أن يجعل الخيار الذي يصدر له عن الاجتهاد عند تساوى الجهتين من القبيل الذي ذكره من كفارات الايمان، مما لا يمنع اختياره (لاحد أشياء)، من بقاء خياره دون أن يجعله من القبيل الذي ذكرنا من الأمور التي يكون له فيها الخيار، ثم إذا أوقع أحدهما سقط خياره، ولم يكن له العدول إلى الآخر.
ومع ذلك فإنا نذكر المعنى المسقط للخيار إذا اختار أحد الامرين. وإن لم يلزمنا للسائل.
نحق النظر إذا كان الفرض حصول الفائدة.
فنقول: إن ما ذكرنا من امتناع جواز ذلك معنى قد انعقد به إجماع أهل العلم، وذلك لان الناس في هذا على أقاويل ثلاثة:
منهم: من أبى وجود تساوي القولين عنده، (ويقول: لابد من رجحان أحدهما عنده، فيلزمه المصير إليه دون الآخر).
ومنهم:
من يقول يصح وجود تساوي القولين عنده، إلا أنه مع ذلك يجب عليه التوقف على إمضاء الحكم بأحدهما، حتى يبين له رجحانه.