النبي صلى الله عليه وسلم (أنه نهى (عن بيع الطعام قبل القبض) (ونهى عن) بيع ما لم يقبض) فهذا أعم من الأول في أعيان الحكم، وليسا معارضين لإيجابهما حكما واحدا.
وما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أدوا صدقة الفطر، عن كل حر وعبد، صغير أو كبيرا فهو عام في الكافر والمسلم، وروي في (خبر) آخر (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر على كل حر وعبد من المسلمين) فنستعملها جميعا، لأنهما ليسا متعارضين.
كذلك ما ذكرنا في حكم العلتين يجري على هذا السبيل.
ونظيره العكس إذا أوجبتا حكما واحدا، وتعلق بكل واحدة منهما معلومات لا تتعلق بالأخرى، لاختلاف القائسين في علة تحريم التفاضل في البر.
فمنهم من قال: الكيل مع الجنس.
وقال آخرون: معناه مدخر في جنس.
وقال آخرون: الاكل مع الجنس.
فليست هذه العلة متعارضة، وإن كان لبعضها معلومات (ليست للأخرى)، ولو كنا خلينا وإياها، لما امتنع أن تكون كل واحدة منها علة صحيحة موجبة لحكمها في فروعها إذا قامت الدلالة عليها.
ألا ترى أنها لو وردت أخبار مثلها (كان جائزا، ولم تكن متعارضة) لأنه جائز أن يقول: إذا وجدتم الكيل مع الجنس فحرموا التفاضل، وحرموا أيضا المقتات والمدخر مع الجنس، وحرموا أيضا كل مأكول جنس.
ولو كان ذلك تعارضا لما صح ورود الخبر، وإنما لم يكن ذلك تعارضا، لان جميعها