باب في ذكر شروط الحكم مع العلة قال أبو بكر: وقد تكون العلة موجبة للحكم على شرائط تتقدمهما، فلا يكون للعلة تأثير في ذلك الحكم إلا بعد وجود شرائطها، وإن لم تكن الشرائط موجبة له، وذلك نحو قولنا: إن الزنى يوجب الرجم مع شرط الإحصان، وإن لم يكن للاحصان تأثير في إيجابه مع الزنى، وذلك لان الرجم عقوبة، والإحصان اسم يشتمل على معاني لا يجوز أن يستحق العقاب عليها، لأنه البلوغ، والإسلام، والدخول، وليس هذه المعاني مما يستحق عليه العقوبة، فعلمنا أن الرجم يستحق بالزنا لا بغيره، وإن لم يجب إلا بوجود الإحصان، ومما يبين الفصل بين السبب الموجب للحكم، وبين مالا يوجبه، وإن كان شرطا في إيجابه: أن ما يجب الحكم عند وجوده هو الموجب للحكم عند تقدم تلك الشرائط، وأن ما لا يجب الحكم بوجوده ليس هو الموجب له.
ألا ترى: أن الإحصان قد كان موجودا غير موجب للحكم، حتى لما وجد الزنى بعد الإحصان وجب الرجم، ولو وجد منه الزنى قبل الاحصان ثم أحصن قبل إقامة الحد لم يجب الرجم، فعلمت أن وجوب الرجم متعلق بوجود الزنى دون وجود الإحصان.
ولذلك لم يوجب أصحابنا على شهود (الإحصان ضمانا عند الرجوع، وأوجبوه