يصح الاعتلال بشئ من أوصاف الأصل إذا لم يعد إلى فرع، وكان موقوف الحكم على الأصل، على ما بيناه فيما سلف من فساد قول القائلين بذلك.
وقد تكون العلة حكما من أحكام الأصل فينصب علة للفرع يجب فيه الحكم المتنازع بوجوده، كما قلنا في المحرمين إذا قتلا صيدا، وجمعنا بينهما وبين قاتل الخطأ بأن هذه كفارة فيها صوم، وهذا جميعا حكمان.
وكقولنا: إن الرجل ممنوع من تزويج أخت امرأته في عدتها منه، بعلة أنها معتدة، قياسا على منع تزويجها زوجا آخر إذا كانت معتدة، وتحريم الأختين والزوجين من طريق الجمع، فيهما حكم واحد، علتهما كونها معتدة، وكونها معتدة إنما هو حكم.
وكقولنا: إن المني نجس لان خروجه يوجب نقض الطهارة (قياسا على انتفاض الطهارة بخروج البول، وكان انتقاض الطهارة علة لكونه نجسا وانتقاض الطهارة) حكم.
وقد تشتمل العلة على أوصاف بعضها صفة لازمة للأصل، والآخر حكم، والآخر وصف عارض فيه، كقولنا: إن سيلان الدم من الجرح إلى موضع الصحة علة لنقض الطهارة، لأنه دم عرق خارج نجس، فكونه دم عرق صفة لازمة له، وكونه خارجا وصف عارض فيه، وكونه نجسا إنما هو حكم، ليس هو وصفا له لازما ولا عارضا.
وقد يشتمل أيضا على أوصاف بعضها حكم وبعضها عادة، كقولنا: في علة نجاسة سؤر السبع: إنه محرم الاكل، لا لحرمته، ويستطاع الامتناع من سؤره، قياسا على الكلب، فقولنا محرم الاكل حكم، وقولنا: يستطاع الامتناع عن سؤره متعلق بالعادة.
وقد يشتمل على وصفين هما جميعا حكم، كقولنا: إن النساء محرم في الحديد بالنحاس، لان الوزن فيه أحد وصفي علة تحريم التفاضل، وهو من جنس ما يتعين.
فقولنا: أحد وصفي علة تحريم التفاضل حكم.
وقولنا: مما يتعين حكم أيضا.