الذي يتحرى المجتهد موافقته باجتهاده، فواجب أن يكون مخطئه مخطئا لحكم الله تعالى عليه.
قيل له: نحن وإن قلنا: إن هناك أشبه هو المطلوب، فليس إصابة الأشبه هي الحكم الذي تعبدنا به، إذا لم يؤدنا الاجتهاد إليه، وإنما الحكم الذي تعبدنا به هو ما أدانا (الاجتهاد إليه)، وغلب في ظننا أنه هو الأشبه، ولم نكلف إصابة المطلوب.
وهذا كما نقول في المتحري للكعبة: إنه لم يكلف محاذاتها باجتهاده، ولم يؤمر بها، لأنه يجعل له السبيل إليها، وإنما الحكم المأمور به هو ما أداه إليه تحريه واجتهاده.
وكما يسدد الرجلان سهامهما نحو كافر فيصيب أحدهما ويخطئه الاخر، وكلاهما مصيب لما كلف، والحكم الذي تعبد به، لأنهما لم يكلفا الإصابة، إذ لم يجعل لهما سبيل إليها.
وكما أن رجلا لو أبق له عبد فأرسل عبيدا له في طلبه كان معلوما إذا كان المرسل حكيما، أنه لم يكلفهم إصابته، وإنما ألزم كل واحد منهم الاجتهاد في الطلب.
ومعلوم أن المطلوب عين واحدة، كذلك الأشبه له حقيقة معلومة عند الله تعالى، ولم يكلف المجتهد إصابتها، وإنما كلف الاجتهاد في طلبها بما استقر عليه رأيه، فهو الحكم الذي كلفه لا غيره، ولذلك نظائر كثيرة من أفعال النبي صلى الله عليه وسلم وأصول الشرع.
منها: أن من أظهر لنا الاسلام والاقرار بشرائعه، والتزام أحكامه كان علينا موالاته في الدين، وإجراؤه على أحكام المسلم.
وإن كان جائزا عند الله تعالى في المغيب أن يكون ملحدا معطلا، ولم نكلف علم