ونظائر ذلك أكثر من أن تحصى، وإنما أردنا أن نبين وجه جواز القياس على حكم ثبت من طريق القياس مع وجود الخلاف في الأصل.
فإذ قد بينا الأصول (التي يصح القياس عليها، فالوجه أن نذكر متى تقاس الحادثة على الأصل، وهل يعتبر الأصل) أولا في كونه معلولا ثم يقاس. أولا اعتبار بذلك.
ويقاس على كل أصل ما لم يمنع منه.
وكان أبو الحسن يقول: لما ثبت وجوب القول بالقياس، كان لي أن أقيس على كل أصل، حتى تقوم الدلالة على أن أصلا ليس بمعلول، ولا يجوز حينئذ القياس عليه.
قيل لأبي الحسن: فإذا ثبت أن ههنا أصلا يقاس عليه، وأصلا لا يقاس عليه، فما أنكرت ممن قال: إن القياس غير سائغ على شئ من الأصول حتى يقوم الدليل على أصل بعينه أنه معلول؟
فأجاب: بأنه ليس ها هنا دليل يدلنا على أصل من الأصول بعينه أنه معلول، إلا ما ذكرناه من صحة وجوب القياس في الجملة. فلو أنا توقفنا عن القياس حتى تقوم الدلالة على أصل بعينه أنه معلول. لادى ذلك إلى إبطال القياس، لأنا لم نجد على ذلك دليلا، وما أدى إلى إبطال القياس، فهو فاسد، لأن جوب القياس قد صح في الجملة بالدليل الذي ذكرناه.
قيل له: قد اختلفت الصحابة في مسائل، وبنى كل واحد منهم مذهبه على أصل وفي إجماعهم على ذلك دليل على أن هناك أصلا معلولا. وفي ذلك إثبات أصل معلول على غير الجهة التي ذكرت.