سلف غير موجبة (له)، ثم لم يمتنع إيجاب حكم الأصل بمعنى، ثم يجعل بعض أوصافه علما لحكم آخر يقاس عليه إذا كانت هذه الأوصاف، إنما صارت عللا على حسب ما جعله الله تعالى علامة الاحكام، والنكتة التي عليها مدار الامر في اعتبار هذه المعاني عللا على الأوصاف التي قدمنا، أنها (لما) لم تكن موجبة لأحكامها المتعلقة بها، وإنما كانت أمارات لها، على حسب ما ينصبها الله تعالى إمارة لم يمتنع أن يكون بعض الأوصاف علامة لحكم، ثم تكون بعض أوصاف هذا الحكم علامة لحكم آخر غيره يجب اعتباره به.
ومن هذه الجهة أجزنا تخصيص أحكام العلل الشرعية مع وجودها، فلذلك امتنعنا من اقتضاب علة لا تتعدى إلى فرع، ولا تتجاوز موضع النص أو الاتفاق لخروجها من أن تكون علامة لحكمه، إذ كان ما يثبت من هذه الوجوه لا يكون بعض أوصافه علامة له مقيدا للحكم فيه.
ومن خالف فيما ذكرنا من هذه الوجوه، فإنما خالف فيها لجملة بمعاني العلل الشرعية، وطنه أنها بمنزلة العلل العقلية، فامتنعوا من أجل ذلك من تجويز هذه الأشياء التي ذكرنا فيها، فمنعوا تخصيصها وأجازوا كون علة لا تتعدى الفرع ولا تتجاوز موضع النص، ومنعوا وجوب حكم الأصل بعلة، وحكم الفرع بعلة أخرى غيرها، إذ كان هذا الفرع مبنيا على ذلك الأصل.
ولو قد كانوا عرفوا معاني ما نسميه عللا نوجب بها قياس الأحكام الشرعية، لخفت المؤنة عليهم في فهم هذه المواضع.