طلب ما ليس بحكم الله تعالى في الحادثة.
قيل له: (نقول): إن الأشبه هو حكم الله تعالى على من صادقه باجتهاده.
ومن لم يصادفه باجتهاده فحكم الله تعالى عليه ما استقر عليه رأيه، وليس واحد من المجتهدين مكلفا لإصابة الأشبه، وإنما هو مكلف للاجتهاد في (تحري) مواقفه الأشبه عنده، فلا يجوز إطلاق القول: بأن الأشبه عند الله تعالى هو الحكم الذي تعبدنا به.
ولا يطلق أيضا أنه ليس هو الحكم، لأنه إنما يكون حكما بالإضافة والتقييد على الشريطة التي ذكرنا.
وهذا كما نقول للمتحري للكعبة، ولرامي الكافر: إنه لا يجوز إطلاق القول: بأن إصابة محاذاة الكعبة، وإصابة الكافر حكم الله تعالى عليه، ولكنا نفيده فنقول: هو مكلف للاجتهاد والارتشاء في محاذاة الكعبة، وإصابة الكافر، فإن أصابهما كان حكم الله عليه، وإن أخطأهما كان حكم الله عليه ما فعله، لا غيره.
فإن قال قائل: إذا كان المجتهدون مصيبين لما كلفوا، فما أنكرتم أن يجتهد مجتهد فيعتقد أنكم مخطئون في إجازة الاجتهاد والقياس، فيكون مصيبا، وأن يكون الجوارح ومن استحل دماءكم مصيبا، إذ قاله عن اجتهاد رأيه.
قيل له: قد بينا فيما سلف: أنه ليس كل الحوادث طريقها الاجتهاد، وغالب الظن، وأن منها ما لله تعالى عليه دليل قائم، يأثم مخطئوه والعادل عنه، (ومنها: ما لا يجوز) الاجتهاد فيه، ويخطئ القائل به، قول من أبى جواز الاجتهاد في الاحكام.
وكذلك مذهب من استحل دماءنا من طريق التأويل: قد قامت الدلالة ببطلان قوله إذا لم يكن طريقه الاجتهاد، على النحو الذي ذكرنا.