الموجود في النص (الموجب للحكم) فيه، ويسمى هذا القياس الجلي، ويسمى ما يوصل (فيه) إلى المعنى الموجب للحكم بالنظر والاستدلال، القياس الخفي.
قال أبو بكر: وهذا الذي سموه القياس الجلي عندنا ليس بقياس.
وذلك لان القياس يفتقر في إثبات الحكم به إلى ضرب من النظر، والاعتبار والتأمل بحال الفرع والأصل، والجمع بين حكميهما، بعد الاستدلال على المعنى الموجب للجمع.
وليس هذه القضية موجودة فيما سموه قياسا جليا، لان المعنى فيه معقول مع ورود النص في أغياره، مما لم يتناوله النص قبل النظر والاستدلال، وقد يعقل ذلك العامي الغفل الذي لا يدري ما القياس، وعسى لم يخطر بباله.
ويبين ذلك أن الناس مختلفون في جواز القياس، ومتفقون على هذا، وغير جائز أن يكون المختلف فيه هو المتفق عليه، فثبت أن ما كان معقولا من فحوى النص، فليس الحكم به من طريق القياس.
ويصح عندنا الاستدلال بما ذكرت على إثبات القياس من جهة تعلق الحكم فيهما بالمعنى، وإن كان أحدهما قياسا، والاخر ليس بقياس.
ومن نظائر ذلك: مما ليس بقياس عندنا، وكثير من نفاة القياس يقولون به مع نفيهم القياس، أن يتساوى حكم الشيئين في الأصل، ثم يرد أثر بحكم في بعض ما ثبت فيه المساواة في الأصل بينه وبين غيره، فيفيدنا ما (قد) عقلنا من المساواة بينهما بدءا، أن ما لم يرد فيه الأثر مساو لما ورد فيه، فيما كانت عليه حالهما من وجوب المساواة بين حكمهما.
وذلك نحو الجمع بين الجماع والاكل ناسيا في عدم وقوع الافطار بهما، وذلك لأنه قد ثبت في الأصل: أن الصوم هو الامساك عن الأكل والشرب والجماع، ونحو هذا من