توجب حكما واحدا، إلا أنه قد ثبت عندنا باتفاق الفقهاء: أن الصحيحة واحدة منهما، ولولا الاتفاق لجاز أن يقال: إن كلها صحيحة إذا قامت الدلالة عليه.
ومما تكون إحدى العلتين فيه أعم من الأخرى فلا يتعارضان إذا كانا يوجبان حكما واحدا.
فنحو اعتلالنا لنقض الطهارة بخروج النجاسة بنفسها إلى موضع يلحقه حكم التطهير، قياسا على البول والغائط، فلا يصح لمخالفنا أن يعارضنا عليها، بأن يقول: ما أنكرت أن تكون العلة في البول أنه نجاسة خارجة من السبيل، لأنه اقتضب من هذا الأصل علة للحكم الذي توجبه علتي، فهما يوجبان حكما واحدا، فليسا إذا متعارضتين.
ألا ترى أنه لا يصح ورود النص بهذا، فنحن نقول بهما جميعا، ونصححهما، فنوجب نقض الطهارة بخروج النجاسة من السبيل.
وتوجبه أيضا بخروجها من سائر البدن بالعلة التي ذكرنا، كما قلنا بالخبرين في نهيه عن بيع الطعام قبل القبض، وعن بيع ما لم يقبض، وأكثر معارضات المخالفين أنا على اعتلالنا بهذا الضرب من الاعتلال، ويظنون أن مثله يكون معارضة، وهذا جهل ممن يظنه بوجوه المعارضات.
وكثيرا ما يعارضون أيضا بعلة لا تتعدى المنصوص عليه (غير) موجبة لحكم، فيعارضون بها علة موجبة لذلك الحكم بعينه، متعدية إلى فروع مختلف فيها نحو قولنا إذا قلنا: إن العلة في تحريم التفاضل في الذهب بالذهب: أنه موزون جنس.
فيقولون: ما أنكرتم أن تكون العلة فيها أنه أثمان الأشياء؟